صفقة تيك توك: بين ضغوط ترامب وصراع المشترين المحتملين

عاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، وفي أول قراراته التنفيذية، أمهل منصة “تيك توك” 75 يومًا لإيجاد حل للأزمة التي تواجهها، وهو ما يعني عمليًا أنها أمام خيار إيجاد مشترٍ أميركي توافق عليه الحكومة الأميركية.
وبالفعل، أوفى ترامب بوعده، ما سمح بعودة المنصة إلى العمل بعد توقفها في جميع الهواتف الأميركية. وعلى الرغم من أن القرار التنفيذي لم يقدم حلًا نهائيًا للأزمة، إلا أن ترامب بدا مصرًا على إيجاد تسوية مناسبة.
البحث عن مشترٍ بمباركة ترامب
لم يكتفِ ترامب بتمديد مهلة الشراء، بل أكد أثناء توقيع القرار التنفيذي ضرورة وجود مشترٍ لنصف أسهم “تيك توك”، مشيرًا إلى أنه سيتدخل كوسيط في الصفقة. وقدر قيمة المنصة بنحو تريليون دولار، مما يعني أن نصف أسهمها يصل إلى 500 مليار دولار، ما يجعلها واحدة من أغلى منصات التواصل الاجتماعي عالميًا. وعلى الرغم من أن هذا التقييم أولي، إلا أن القيمة الفعلية للصفقة قد تقترب منه.
تجلى التغيير في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بوضوح من خلال عودة “تيك توك” إلى العمل مباشرة بعد محادثات ترامب مع نظيره الصيني، فضلًا عن حضور شو زي تشيو، المدير التنفيذي للمنصة، لحفل تنصيب الرئيس الأميركي. كما لم يقتصر دور ترامب على اقتراح إيجاد مشترٍ فحسب، بل قدم قائمة بمشترين محتملين، من بينهم إيلون ماسك ولاري إليسون، المدير التنفيذي لشركة “أوراكل”.
قائمة مشترين محتملين
منذ الإعلان عن قرار الحظر، تسابقت الشركات على باب “تيك توك”. ففي عام 2020، توصلت “أوراكل” و”وول مارت” إلى اتفاق للاستحواذ على المنصة، لكن إدارة بايدن أوقفت الصفقة بسبب مخاوف أمنية. كما سبق أن عرضت “مايكروسوفت” شراء المنصة، لكن المفاوضات باءت بالفشل.
الآن، مع استعداد الحكومة الأميركية لتيسير عملية الشراء، برزت أسماء عديدة كمشترين محتملين، من بينهم:
- إيلون ماسك: المرشح الأقرب بفضل علاقته الجيدة مع الصين.
- كيفن أوريلي: عرض 20 مليار دولار، لكنه قد يواجه عقبات قانونية بسبب جنسيته الكندية.
- فرانك ماكورت ومجموعة “مشروع الحرية”: يسعون لإعادة هيكلة المنصة بدلًا من الاستحواذ على خوارزميتها.
- أمازون: أحد أكبر المعلنين على “تيك توك”، مما يعزز فرصتها في إتمام الصفقة.
- رامبل: أعلنت نيتها شراء المنصة في مارس/آذار الماضي، لكن دون تفاصيل إضافية.
- بوبي كوتيك وسام ألتمان: يعملان على تمويل الصفقة.
- شركة الذكاء الاصطناعي “بيربليكستي”: تسعى للاندماج مع “تيك توك” بدلًا من شرائها.
- مستر بيست وستيفن منوتشين: يسعيان لجمع مستثمرين أميركيين للاستحواذ على المنصة.
عقبات قانونية ودولية
حتى في حال الاتفاق على الصفقة، لا تزال هناك تحديات قانونية تعترض طريقها، مثل قانون “الكونغرس” الذي وضع “تيك توك” في هذا المأزق. وأوضحت سارة كريبس، مديرة معهد سياسة التكنولوجيا بجامعة “كورنيل”، أن قرار ترامب التنفيذي قد يتعارض مع المحكمة الدستورية العليا، مما يعرضه للطعن القانوني.
من جهته، أشار كارل توبياس، أستاذ القانون في جامعة “ريتشموند”، إلى أن أي طعن قانوني قد يستغرق وقتًا طويلًا، مما يمنح فرصة لإتمام الصفقة قبل صدور قرار نهائي. كما قد تحتاج “تيك توك” إلى تدخل تشريعي مباشر من “الكونغرس” لتحديد ما إذا كانت عملية البيع يجب أن تشمل الخوارزمية الخاصة بالمنصة.
أما الصين، فقد تشكل العقبة الأكبر، إذ سبق أن عرقلت صفقات مشابهة. وعلى الرغم من تصريح متحدث رسمي من بكين بأن الحكومة لن تتدخل، إلا أنه من المتوقع أن يناقش الرئيس الصيني شي جين بينغ تفاصيل الصفقة مع ترامب قبل إتمامها.
تحديات الخوارزمية وإدارة المنصة
إحدى أكبر العقبات أمام المشترين تتمثل في ملكية الخوارزمية، التي تعد “سر الخلطة” وراء نجاح “تيك توك”. فبينما قد توافق “بايت دانس” على بيع المنصة، فمن غير الواضح ما إذا كانت مستعدة للتخلي عن خوارزميتها الفريدة. ويخشى المشترون من تكرار سيناريو “إكس” (تويتر سابقًا) بعد استحواذ ماسك عليه، حيث تراجعت قيمة المنصة نتيجة التدخل المباشر في سياساتها الإدارية.
في النهاية، يظل مستقبل “تيك توك” في الولايات المتحدة غامضًا، مع استمرار الصراع القانوني والسياسي حول صفقة الاستحواذ، في انتظار حل توافقي يرضي جميع الأطراف.