رأي آخر

عرض الدبيبة لاستقبال سكان غزة: مناورة سياسية أم مغامرة اقتصادية؟

في خطوة مفاجئة، كشفت مجلة “أمريكان ثنكر” الأمريكية عن عرضٍ تقدَّم به رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يقضي باستعداد ليبيا لاستضافة ما بين 100 إلى 200 ألف فلسطيني من قطاع غزة. هذا العرض، الذي يأتي وسط رفض عربي وإسلامي واسع لخطة تهجير الفلسطينيين، يثير تساؤلات حول أبعاده السياسية والاقتصادية، ومدى إمكانية تنفيذه في ظل الأوضاع الراهنة.

دوافع الدبيبة: بحث عن مكاسب سياسية واقتصادية

وفقًا للتقرير، يسعى الدبيبة من خلال هذا المقترح إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية ودولية، على رأسها كسب دعم إدارة ترامب 2، مما قد يمنحه شرعيةً دولية تساعده في البقاء في السلطة أو تنظيم انتخابات جديدة تعزز موقعه السياسي.

من جهة أخرى، يتطلع الدبيبة إلى استغلال هذه الخطوة لجذب الاستثمارات الأمريكية إلى ليبيا، خاصة في قطاع النفط والغاز. التقرير أشار إلى أن واشنطن قد تستخدم استراتيجية “شراء العقود الآجلة” للموارد الليبية، على غرار ما فعلته في أوكرانيا، وهو ما قد يفتح الباب أمام تحالفات جديدة في المشهد الجيوسياسي للمنطقة.

مأزق التهجير: رفض فلسطيني وعربي

على الرغم من أن الدبيبة قد يرى في هذا العرض فرصة لتعزيز علاقاته بواشنطن، إلا أن المخطط الأمريكي الإسرائيلي لترحيل سكان غزة يواجه رفضًا قاطعًا من الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها مصر والأردن. التهجير القسري للفلسطينيين ليس فقط انتهاكًا للقوانين الدولية، بل يُنظر إليه أيضًا على أنه تنفيذ لمخطط يهدف إلى تفريغ الأراضي الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يرفضه المجتمع الدولي.

ترامب والدول الإسلامية: اختبار لاستراتيجية الشرق الأوسط

يعتمد نجاح خطة ترامب في الشرق الأوسط، وفقًا للتقرير، على استعداد الدول الإسلامية لقبول لاجئين فلسطينيين، وهو أمر يبدو مستبعدًا في ظل الرفض الواسع لهذه الفكرة. حتى وإن كان عرض الدبيبة جادًا، فإنه قد يواجه صعوبات سياسية ولوجستية كبيرة، خاصة في ظل انقسام المشهد الليبي بين حكومتين متنافستين، والتحديات الأمنية التي تعاني منها البلاد.

ختامًا: هل يُكتب لهذا المقترح النجاح؟

بينما قد يسعى الدبيبة إلى تعزيز نفوذه عبر بوابة واشنطن، فإن مشروع التهجير هذا يبقى محل خلاف كبير، وسط إصرار الفلسطينيين على حقهم في البقاء بأرضهم، ورفض عربي وإسلامي لأي محاولات لتوطينهم في دول أخرى. ومع وجود معارضة داخلية ودولية واسعة، يبدو أن عرض الدبيبة لن يكون سوى ورقة تفاوضية قد يستخدمها في صراعاته السياسية، أكثر من كونه مقترحًا قابلًا للتنفيذ على أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى