فرص وتحديات تبني سوريا للبتكوين والدولار رسميًا
في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، تبدو فرص الشمول المالي وسهولة استقبال المساعدات الخارجية عوامل محفزة لتبني العملات الرقمية والدولار رسميًا في سوريا. ورغم التذبذب الذي تشهده العملات المشفرة، إلا أن صعود البتكوين المستمر قد بدأ بالتباطؤ، خاصة بعد أن بلغت قيمته الإجمالية نحو 4 تريليونات دولار، أي ما يعادل ربع المعروض النقدي من اليورو، وفق أحدث التقديرات.
تحديات البنية التحتية والتحول الرقمي
ورغم الفرص التي يوفرها استخدام البتكوين والدولار، إلا أن سوريا تواجه تحديات رئيسية، على رأسها ضعف البنية التحتية الرقمية. تجربة السلفادور، التي تبنّت البتكوين رسميًا، أظهرت أن التحدي لا يكمن فقط في توفير العملة، بل في بناء نظام رقمي يسهل استخدامها. فعلى سبيل المثال، أطلقت الحكومة السلفادورية تطبيق “شيفو واليت” وقدمت 35 دولارًا لكل مواطن يقوم بتحميله، في محاولة لتعزيز اعتماده. في المقابل، يواجه السوريون صعوبات في الوصول إلى الكهرباء والإنترنت، مما يجعل تطبيق نظام مشابه أكثر تعقيدًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية بعد سنوات الحرب تُضيف عبئًا إضافيًا على أي محاولة لاعتماد العملات الرقمية رسميًا. ومن الضروري أن تبحث سوريا عن تمويل خارجي لإعادة تأهيل بنيتها التحتية الرقمية، فضلًا عن بناء احتياطي من البتكوين يُمكن دمجه في الأنشطة الاقتصادية المحلية.
التذبذب المالي وإدارة السياسة النقدية
من ناحية أخرى، ورغم تقلبات البتكوين، فإن الليرة السورية لم تكن في وضع أكثر استقرارًا، حيث فقدت نسبة كبيرة من قيمتها خلال الحرب. أما بالنسبة للدولار، فالتحدي الأساسي يتمثل في فقدان السيطرة على السياسة النقدية، إلا أن الهدف في هذه الحالة ليس السيطرة، بل تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وفي حال تبني الدولار رسميًا، سيكون على المصرف المركزي السوري تأمين السيولة الدولارية الكافية لدعم النشاط الاقتصادي. لكن في المقابل، ستنخفض تكلفة التحويلات الخارجية، مما قد يسهم في تعزيز حركة الأموال داخل البلاد.
خلاصة
رغم التحديات التي تواجه سوريا في تبني البتكوين والدولار رسميًا، إلا أن الفرص التي يتيحها هذا التوجه، من حيث تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز الشمول المالي، قد تجعل من هذه الخطوة خيارًا قابلًا للنقاش. ومع ذلك، فإن نجاح أي تجربة من هذا النوع يعتمد بشكل أساسي على مدى قدرة الدولة على تطوير بنيتها التحتية الرقمية وتأمين السيولة النقدية اللازمة لدعم اقتصادها.