ثقافة

في ذكرى تشييد القاهرة النيل يبني عواصم مصر

على ضفتي نهر النيل عاش المصريون، تتدفق المياه فتجري حياتهم، تزرع أرضهم وتُحَوّل الوادي إلى مرعى، ولم تغفل أيديهم عن ترك أثر كحضارة ارتوت من النيل.

وعلى هذا النسق، نظمت عواصم مصر عبر آلاف السنين كما العِقدِ على طول وادي النيل، وكأن جريان المياه هو الشاهد الأهم على استمرار الدولة. فمهما اختلفت الأنظمة السياسية، اتفقت جميعها على أن يكون مركز الحكم بالقرب من النهر.

القاهرة: العاصمة الأزلية

العاصمة الحالية القاهرة، والتي تحتفل بعامها الـ1055 في يوليو/تموز الحالي، لا تستثنى من القاعدة التي وضعها القدماء، فهي تتجاور مع النيل على ضفته الشرقية. ورغم اتساع مساحتها بمرور السنين، يظل النهر هو العلامة المميزة لها.

وصف المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع ابن خلدون مدينة القاهرة بأنها “حضرة الدنيا وبستان العالم، ومحشر الأمم، ومدرج الذر من البشر، وإيوان الإسلام، وكرسي المُلك”. زار ابن خلدون القاهرة في القرن الثامن الهجري واستقر بها بعد تنقل طويل بين المدن.

تأسست القاهرة بعد سيطرة الفاطميين على حكم مصر، حيث شرعوا في تشييد مدينة جديدة لتكون عاصمة للبلاد. في السادس من يوليو/تموز عام 969م، وُضع حجر الأساس لبناء المدينة الجديدة على يد القائد الفاطمي جوهر الصقلي.

من “المنصورية” إلى “القاهرة”

خلال فترة وجيزة، تم تشييد المدينة على مساحة 340 فدانًا وأحيطت بسور بلغ طوله 4800 ياردة، لتصبح بذلك أول مدينة مسورة في تاريخ مصر الإسلامية وأكبر العواصم الإسلامية آنذاك. في البداية، سميت العاصمة الجديدة بـ”المنصورية”، لكن بعد وصول الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر، تغير الاسم إلى “القاهرة”.

مسار التاريخ

على الرغم من انتهاء حكم الفاطميين في مصر عام 1171م، وتتابع الحكام بعدهم من الأيوبيين إلى المماليك، ثم العثمانيين والعلويين، وصولًا إلى العصر الحديث، ظلت القاهرة عاصمة للبلاد، لتصبح صاحبة أطول تاريخ كمركز للحكم.

المدينة الزاخرة بالآثار

تاريخ القاهرة الطويل جعلها زاخرة بالآثار الشاهدة على الحقب المتتابعة. أهم ما يميزها هو كثرة المساجد التاريخية مثل مسجد عمرو بن العاص، ومسجد أحمد بن طولون، ومسجد الحاكم بأمر الله الفاطمي، لذا سميت بمدينة الألف مئذنة.

العاصمة المكتظة

وفقًا لآخر تقدير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يعيش في القاهرة نحو 10 ملايين و300 ألف مواطن على مساحة تبلغ نحو 3 آلاف كيلو متر.

العواصم على ضفاف النيل

على مدار نحو 5 آلاف سنة، شُيدت 21 عاصمة لمصر، معظمها على ضفاف وادي النيل. أول تلك العواصم كانت مدينة الطينة (2950 ق.م إلى 2892 ق.م). بعد توحيد القطرين الشمالي والجنوبي على يد الملك مينا، أصبحت مدينة منف عاصمة للبلاد منذ عام 2895 ق.م حتى عام 2360 ق.م، ثم تحولت العاصمة إلى مدينة أهناسيا من عام 2360 ق.م. حتى عام 2160 ق.م.

طيبة: العاصمة الأسطورية

تعتبر مدينة طيبة من أشهر العواصم التاريخية لمصر، إذ كانت عاصمة ثلاث مرات: الأولى من عام 2160 ق.م حتى عام 1715 ق.م، الثانية من عام 1580 ق.م حتى عام 1353 ق.م، والثالثة من عام 1332 ق.م حتى عام 1090 ق.م.

النيل: شريان الحياة

منذ فجر التاريخ، ارتبطت معيشة المصريين بنهر النيل، حيث يُعَدُّ النهر مصدر الحياة والأساس في تأسيس حضارتهم العريقة.

زر الذهاب إلى الأعلى