في واقع يتسم بمشكلات الأمية وتراجع نوعية التعليم، كيف يؤثر “مشروع المكتبات المعلقة” على حياة الأطفال في نيجيريا؟
“أبيجيل باباتوندي: قصة نجاح مع المكتبات المعلقة في نيجيريا”
قبل ثلاث سنوات في لاغوس، نيجيريا، كانت التلميذة أبيجيل باباتوندي تواجه صعوبة في قراءة كتبها المدرسية، وكانت تحتاج دائمًا لمساعدة معلميها في نطق الكلمات الصعبة. لكن اليوم، وبعد تجربة “المكتبات المعلقة”، تحولت حياتها تمامًا.
أبيجيل (11 عامًا)، والتي تعيش في ضاحية إيجيجبو بلاغوس، أصبحت تقرأ دون مساعدة وتطالع الروايات باستمرار إلى جانب تعليمها في مدرستها. مشروع المكتبات المعلقة والذي يعتبر جزءًا من مبادرة “الطفل الجديد”، ساهم في تغيير واقع أبيجيل والعديد من الأطفال النيجيريين.
المكتبات المعلقة هي رفوف بسيطة مصنوعة من القماش تتدلى على الحائط في الفصول الدراسية، وتحتوي على مجموعة من الكتب المنوعة. بفضل هذا المشروع، أصبحت أبيجيل أكثر نشاطًا في الفصل وأكثر ثقة في قراءتها.
المشروع يعتمد على مبادرة تطوعية تقدم الإرشاد وتساعد في تحسين مستوى القراءة والكتابة للأطفال بالإضافة إلى تقديم خدمات طبية مجانية وأدوية للأطفال في الأحياء ذات الدخل المنخفض. تموّل المبادرة أساسًا من وقفية للكتب ومساهمات من المجتمع المحلي.
بفضل مشروع المكتبات المعلقة، تحققت تحولات كبيرة في حياة الأطفال النيجيريين، مما يظهر أن الجهود التطوعية والتركيز على التعليم يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا في تحسين وضع الأطفال وتمكينهم من مستقبل أفضل.
سد الفجوة
تقرير 2022 لليونسكو يكشف عن تحديات التعليم في نيجيريا: ملايين الأطفال خارج المدرسة
أظهر تقرير لمنظمة اليونسكو لعام 2022 وجود أكثر من 20 مليون طفل في نيجيريا خارج نطاق التعليم، ما يسلط الضوء على تحديات التعليم في هذا البلد. وقد أثر ضعف التمويل للمدارس الحكومية ونقص الاحتياجات الأساسية على جودة التعليم الأساسي في نيجيريا.
وفي ظل توفر التعليم المجاني على المستوى التعليمي الأساسي، يشير تقديرات مختلفة إلى أن ثلثي النيجيريين يملكون مهارات القراءة والكتابة في هذا المستوى. ومع ذلك، أشار ممثل اليونيسف في نيجيريا إلى أن “75% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا لا يمكنهم قراءة جملة بسيطة أو حل مشكلة حسابية أساسية”.
تعمل مبادرة “المكتبة المعلقة” على معالجة هذا التحدي في لاغوس منذ عام 2017. تأسست المبادرة عندما كان يوسف شيتو، مؤسس مشروع “الطفل الجديد”، يؤدي خدمته الوطنية الإلزامية. خلال زيارته لمدرسة باباتوندي، لاحظ أنه لا توجد مكتبة منظمة أو مساحة للكتب في المدرسة.
المكتبات المعلقة تأتي لتسد الفجوة في نظام التعليم، حيث تسهم في تحسين مستوى القراءة والكتابة للأطفال وتعزز التعلم المستمر. وتتميز هذه المكتبات ببساطتها وقوة تأثيرها، حيث تتيح للأطفال الوصول إلى مجموعة متنوعة من الكتب وتعزز من فهمهم ومعرفتهم.
تسعى هذه المبادرة إلى تحسين مناخ التعليم في نيجيريا ومعالجة التحديات المتعلقة بجودة التعليم والتحصيل الدراسي، وهي خطوة هامة نحو تحسين مستقبل الأطفال وإمكانية تحقيق طموحاتهم.
بفضل والده، نمّا في شيتو حب القراءة من خلال الصحف في سنواته الأولى. وهذا الحب الذي غرسه والده فيه دفعه لنقله إلى مجال الكتب، حيث أصرّ على تحويل هذه الشغف إلى مبادرة عامة.
وفي حديثه لشبكة الجزيرة الإنجليزية، أكد شيتو أن هذه المبادرة تعتبر فرصة لتحقيق تغيير جيل بأكمله، والتأكيد على هذا الأمر يجد تأييدًا من قبل الخبراء الذين يرون أنها خطوة فعّالة نحو تغيير منظومة التعليم وتحفيز حب القراءة والتعلم لدى الأجيال الصاعدة.
حل بسيط لمشكلة معقدة
ترى كيمي أوجونسانيا، مديرة مشروع في مركز تعليمي إلكتروني في لاغوس، أن هناك “حلاً مبتكرًا لمشكلة عميقة في مجتمعنا”. وأضافت قائلة: “تتسبب العديد من العوامل، مثل نقص موارد القراءة وغياب المكتبات في العديد من المدارس، في انخفاض معدل ثقافة القراءة”. وفي الوقت نفسه، يعاني أكثر من نصف سكان نيجيريا – البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة – من ظروف معيشية تقليدية، حيث تقتصر دخولهم على أقل من دولارين يوميًا، مما يجعل القدرة على توفير الكتب لأطفالهم أمرًا صعبًا.
وتوضح سايي بولاجي، مؤسسة حملة “مشروع تعليم طفل”، أن هناك العديد من العائلات التي تعاني من نقص الغذاء وتضطر للعيش في ظروف قاسية. وبالنسبة للكثير منهم، فإن الرواتب القليلة التي يحصلون عليها تكاد تكفي لتوفير الطعام فحسب، مما يعني أن استثمار الأموال في شراء الكتب المدرسية لأطفالهم يبدو أمرًا غير ممكن بسبب ضيق الظروف المالية.
في وجهة نظر أوجونسانيا، تشكل المكتبات المعلقة فرصة مهمة لمساعدة الأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض المقيمين في المدارس. هذه المكتبات يمكن أن تسهم في تحسين أدائهم الدراسي وتوسيع رؤيتهم للعالم. وقالت: “القارئ هو قائد، حيث ستمنحه القراءة دائماً عقلية واسعة، وهذا من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على تقدمهم الأكاديمي”.