قانون سقف الدين الأمريكي: أداة تنظيمية أم ورقة ضغط سياسية؟
قانون سقف الدين الأميركي هو تشريع أقره الكونغرس لأول مرة عام 1917، بهدف تنظيم الحد الأقصى للأموال التي يمكن للحكومة الفدرالية اقتراضها لتغطية التزاماتها المالية. وعلى مدار العقود، أصبح هذا القانون محورًا للصراعات السياسية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث ارتبطت قرارات رفع السقف بمفاوضات حول الإنفاق الحكومي وتقليص العجز.
مفهوم سقف الدين الأميركي
يعرف سقف الدين الأميركي أو “حد الدين” بأنه الحد الأقصى للمبالغ التي يمكن للحكومة الفدرالية اقتراضها لدفع التزاماتها المالية، مثل الرواتب والخدمات الاجتماعية. ويتم تحديد هذا السقف من قبل الكونغرس، الذي يملك السلطة للتصويت على رفعه أو تعليقه عندما تصبح الإيرادات غير كافية لتغطية النفقات الحكومية.
عندما تصل ديون الحكومة الأميركية إلى الحد المسموح به، تلجأ وزارة الخزانة إلى اتخاذ تدابير استثنائية لتجنب التخلف عن السداد، وذلك لحين موافقة الكونغرس على رفع السقف. وعلى مر السنوات، تم تعديل هذا السقف مرات عديدة لمواكبة الاحتياجات المالية المتزايدة.
أهمية سقف الدين
يلعب قانون سقف الدين دورًا تنظيميًا هامًا في ضبط المال العام، حيث يوازن بين منح الحكومة مرونة لتمويل أنشطتها وإحكام السيطرة على الميزانية.
- تمويل النفقات الحكومية: يسمح القانون لوزارة الخزانة بإصدار السندات وجمع الأموال دون الحاجة إلى موافقة مستمرة من الكونغرس.
- استمرارية الخدمات: رفع سقف الدين يمكن الحكومة من تمويل برامج اجتماعية حيوية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
- تحقيق الاستقرار المالي: يوفر تحديد سقف الدين إطارًا ماليًا يساعد على تجنب التعقيدات وال delays في العمليات الحكومية.
رغم أهميته، أثار القانون جدلًا حول فعاليته كأداة لضبط المسؤولية المالية، إذ ارتفع الدين الأميركي إلى مستويات قياسية على مر العقود، مما جعله ورقة ضغط سياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
أبرز المحطات التاريخية لسقف الدين
- 1917: أُقر سقف الدين لأول مرة بقيمة 11.5 مليار دولار كجزء من قانون “السندات الثانية للحرية” لدعم جهود الحرب العالمية الأولى.
- 1939: تم رفع سقف الدين ليشمل جميع ديون الحكومة، ووصل إلى 46 مليار دولار.
- الحرب العالمية الثانية: ارتفع الدين من 51 مليار دولار إلى 260 مليار دولار بسبب تكاليف الدعم العسكري لحلفاء الولايات المتحدة.
- عهد رونالد ريغان: تضاعف الدين العام أكثر من ثلاث مرات، حيث تم رفع السقف 18 مرة ليصل إلى 2.7 تريليون دولار.
- رئاسة بيل كلينتون: شهدت فترة كلينتون تقليص نمو الدين بسبب زيادة الضرائب وانخفاض الإنفاق الدفاعي، ليبلغ الدين 5.5 تريليونات دولار بحلول عام 2000.
- أحداث 11 سبتمبر: أدت النفقات الأمنية المتزايدة وتخفيض الضرائب خلال رئاسة جورج بوش الابن إلى استمرار ارتفاع العجز.
- 2011: طالب الجمهوريون بتقليص العجز كشرط لرفع سقف الدين، مما أدى إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لأول مرة.
- 2013: توقفت الحكومة الفدرالية مؤقتًا بسبب الخلاف حول سقف الدين وتمويل قانون الرعاية الصحية الميسرة.
- 2017: تجاوز الدين الأميركي 20 تريليون دولار، وتم تمديد تعليق سقف الدين مؤقتًا.
- 2021: تم رفع السقف إلى 31.4 تريليون دولار.
الأزمة الأخيرة
في أواخر عام 2022، وصلت الولايات المتحدة إلى سقف الدين وتجاوزته مرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2023. ورغم اتخاذ وزارة الخزانة تدابير استثنائية، حُلّت الأزمة باتفاق الكونغرس على تعليق السقف حتى 2025، مع فرض قيود على الإنفاق الحكومي.
المستجدات
في ديسمبر/كانون الأول 2024، دعا الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى إلغاء قانون سقف الدين، معتبرًا أنه “مفهوم لا معنى له”. ورغم محاولات تمرير مشروع قانون لرفع السقف، واجهت الخطة معارضة واسعة، مما أدى إلى إعادة العمل بالقانون في يناير/كانون الثاني 2025، ليصل السقف إلى 36.1 تريليون دولار.