ماهي لعنة “العقد الثامن” التي تخوف منها إيهود باراك ولوح بها أبو عبيدة؟


في كلمة مصورة ألقاها الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم السبت، أعلن أن “زمن الجيش الذي لا يقهر قد ولى، وأن المعركة الجارية ستكون نقطة تحول تاريخية بالنسبة للأمة”. وأشار إلى نهاية الأساطير المفتعلة حول قوة الجيش الإسرائيلي وقدراته الاستخباراتية، مؤكدًا أنهم نجحوا في هزيمته وكشفوا عن ضعفه أمام العالم، سواء داخل قطاع غزة أو في جميع أنحاء فلسطين.
بالإشارة إلى تطورات الوضع، أكد المتحدث أن “زمن انكسار الصهيونية قد بدأ وأن لعنة العقد الثامن ستحل على العدو، مما سيجبرهم على العودة إلى توراتهم وتلمودهم ومواجهة زمن الهزيمة بصبر”.
لعنة العقد الثامن
في العام الماضي، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك عن قلقه إزاء اقتراب زوال إسرائيل قبل الذكرى الثمانين لتأسيسها. استند باراك في تعبيره إلى “التاريخ اليهودي الذي يشير إلى أن لم تستمر دولة لليهود لأكثر من 80 سنة إلا في حالتين استثنائيتين”.
وفي مقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أوضح باراك أن التاريخ اليهودي سجل حالتي استدامة للدولة: فترة حكم الملك داود وحكم الحشمونائيم. وفي كلا الحالتين، بدأ تفكك الدولة اليهودية في العقد الثامن من وجودها.
أشار باراك إلى أن التجربة الحالية للدولة الإسرائيلية هي التجربة الثالثة وأنها في عامها الثامن حالياً. وأعرب عن قلقه من أن تتعرض لنفس مصير تلك الفترتين المذكورتين.
وشدد باراك على أن إسرائيل تعيش في منطقة صعبة ولا تتساهل مع الضعفاء، وحذر من عواقب خطيرة تلحق بمن يستهين بأي تهديد. وأكد أهمية أن تكون إسرائيل حذرة وحساسة تجاه ما تواجهه، مشيراً إلى أن الدولة أظهرت نقصًا في تحقيق السيادة السياسية.
في تصريحه، أشار إيهود باراك، الذي شغل مناصب وزير الأمن ورئيس الوزراء في إسرائيل، إلى أن “العقد الثامن في تاريخ إسرائيل يشير إلى حالتين استثنائيتين: الأولى كانت بداية تفكك السيادة مع انقسام مملكة بيت داود إلى مملكتي يهودا وإسرائيل. أما الحالة الثانية، فكانت خلال العقد الثامن لمملكة الحشمونائيم، حيث نشأ تصاعد التوترات الداخلية وانقسمت السلطة الحاكمة، وقام ممثلو الأجنحة بمساعدة بومبيوس في سوريا وسعوا لتفكيك مملكة الحشمونائيم، وأصبح جناحهم تحت السيطرة الرومانية حتى تدمير الهيكل الثاني.”
وأوضح باراك أن “المشروع الصهيوني هو محاولة ثالثة في تاريخ اليهودية. وبالرغم من أننا نعيش الآن في العقد الثامن من وجود إسرائيل ككيان، يتجاهل البعض تحذيرات التلمود ويسعى لتسريع النهاية وينغمس في كراهية غير مبررة.”
البيت الثالث
هذا الرأي تم تبنيه أيضًا من قبل الكاتب الصحفي آري شافيت في كتابه “البيت الثالث”، الذي تناول -مشيرًا إلى “دولة إسرائيل”- كيف أصبح الإسرائيليون “أكبر أعداء أنفسهم في العقد الثامن من تأسيس دولة إسرائيل”. وأشار شافيت إلى أنه بالرغم من قدرة البلاد على مواجهة التحديات الأمنية، إلا أن تفكك الهوية لا يمكن التغلب عليه.
كما استفسر عن سر استمرار “المعجزة الإسرائيلية” على مدى عقود وما هو التهديد الوجودي الجديد الذي تواجهه إسرائيل. وأشار إلى أن البلاد تشهد حالة من التفكك الداخلي ومحاولات لإعادة تجميعها. وأكد أنه لن يكون هناك “بيت رابع”، وأن إسرائيل تمثل الفرصة الأخيرة للشعب اليهودي.
وفي تقدير شافيت، “إن إسرائيل تعتبر معجزة من صنع الإنسان، إذ لم تتحقق أي دولة ديمقراطية أخرى نجاحًا مثل إسرائيل في بيئة معادية مماثلة. على الرغم من وجود العديد من الأعداء والحروب والتحديات والأخطاء، إلا أنها تحققت بفعل حلم الصهيونية”.
ويمكن أن نقول “لكن في السنوات الأخيرة، شعرنا جميعًا بأن هناك شيئًا ما حدث بشكل خاطئ. على الرغم من أن إسرائيل قد حققت نجاحًا نادرًا، إلا أنها تعاني من تمزق وألم ونزيف. فقد فقدت اتجاهها وضاعت البوصلة.”
مخاوف الزوال
وفي تحليله لفقدان البوصلة الحالي في إسرائيل، يعتقد الكاتب والمحلل الإسرائيلي روغل ألفر أن البلاد وقعت في مصير زوالها. يشير إلى عدة أسباب لهذا الوضع، منها الحروب المتعددة الجبهات والتفكك الداخلي وانتشار الفساد والصراعات الداخلية بين التيارات اليهودية والصراعات الثقافية في المجتمع الإسرائيلي.
ويذكر ألفر أنه في الحرب التي اندلعت عام 1948، وعندما انتصر الجيش المصري واحتل بلدة “نيتسانيم” في جنوب إسرائيل، أصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أوامرًا للجنود والضباط اليهود بالقتال حتى الموت، وأنهم لن يستسلموا للعدو. وهذا الواقع أسس ثقافة الموت والفداء من أجل الوطن في إسرائيل. ومنذ ذلك الحين، يعيش اليهود في إسرائيل في حالة توتر دائمة وخوف من اندلاع حروب تؤدي إلى الخسائر البشرية.
ألفر يشير إلى أن السلطات الإسرائيلية تروج للفكرة أن الحرب المقبلة مسألة وقت ليس بعيد، حيث ستشهد إسرائيل هجمات صاروخية من لبنان وإيران وقطاع غزة على نطاق واسع، مما سيؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا.