مجمع الشيخ أحمدو بمبا في طوبى: صرح ديني وثقافي يحتفل بذكرى مقاومة الاستعمار
بأصوات ملائكية، يرتفع أريج القرآن الكريم من جنبات المجمع الكبير الذي افتتحته السنغال حكومة وشعبًا في طوبى قبل نحو عامين. يحمل هذا الصرح اسم مجمع الشيخ أحمدو بمبا، وهو رمز ديني تتجمع حوله مشاعر الولاء والتقديس في السنغال وفي أنحاء غرب إفريقيا.
الشيخ أحمدو بمبا يُعد شخصية دينية بارزة في حياة الملايين، قاوم الاحتلال الفرنسي بشجاعة وأسس طريقة صوفية يتبعها الملايين. وحول ضريحه، المزين بالقباب والشبك المذهبة، يمتد تقديس الشعب الأفريقي لشخصيته، التي يراها البعض رمزًا للإصلاح في غرب إفريقيا.
بسبب مواقفه القوية ضد الاستعمار، اضطر الفرنسيون لاعتقاله ونفيه إلى الغابون لمدة سبع سنوات، ومن ثم إلى موريتانيا لأربع سنوات أخرى. ورغم وفاته قبل أكثر من تسعين عامًا، ما زالت ذكراه حية في قلوب أتباعه وسطور التاريخ.
أتباع الشيخ أحمدو بمبا، المعروفون بالمريدين، يُقدر عددهم بنحو عشرة ملايين حول العالم. ويؤدي نحو أربعة ملايين منهم سنويًا “رحلة زيارة” إلى طوبى في ذكرى نفي الشيخ من قِبَل المستعمر الفرنسي.
مدينة طوبى، التي تأسست عام 1887 على يد الشيخ أحمدو بمبا، أصبحت اليوم مركزًا دينيًا وتعليميًا يحتضن ثاني أكبر عدد سكاني في السنغال بعد العاصمة دكار، لكنها الأولى من حيث القداسة. تمنع المدينة التدخين والمسكرات وجميع المحظورات الشرعية، وفق قائمة محظورات رسمية صادرة عن الخليفة وبموافقة الرئاسة السنغالية.
الخلافة المريدية، بقيادة الخليفة العام الشيخ محمد المنتقى امبكه، تدير المدينة بصرامة وفق نظام إداري محكم، مما يضمن التزام الجميع بالتعليمات الدينية. وفي كل عام، تحتفل المدينة بموسم “ماغال”، الذي يشهد تجمع ملايين الزوار في طوبى، لإحياء ذكرى عودة الشيخ أحمدو بمبا من منفاه.
رغم الأعداد الهائلة التي تفد إلى المدينة، لا توجد فيها فنادق تجارية، مما يدفع السكان والخلافة لتحمل أعباء الضيافة، مما يعكس روح التضامن والتآزر التي تُميز هذه المدينة الفريدة.