مرافعة هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
السيد رئيس المحكمة، السادة القضاة المحترمون،
أتشرف اليوم بالوقوف أمام عدالتكم للدفاع عن موكلي، فخامة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، في محاكمة طالما أصررنا على أنها تحمل في طياتها الكثير من التجاوزات والانحرافات عن مسار العدالة، بما يهدد مبدأ المحاكمة العادلة. وأود أن أعرض أمام عدالتكم اليوم تفاصيل هذه الانتهاكات التي عرفتها جلسة اليوم، والتي تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه المحكمة قد انحرفت عن دورها كحكم عادل، لتصبح طرفًا في القضية.
أولًا: الانقلاب على أماكن المحامين
من أولى صور الخلل الذي شاب جلسة اليوم هو محاولة المحكمة إقصاء هيئة الدفاع من أماكنها المخصصة في قاعة الجلسات لصالح المتهمين، في إجراء غير قانوني وغير مسبوق. حاولت المحكمة إعادة توزيع أماكن الجلوس بشكل يمس بحق الدفاع في الترافع والتمثيل، وهو ما رفضناه بشكل قاطع وأفشلناه بفضل وحدة صف المحامين وتمسكهم بحقوقهم القانونية. وقد استهلك هذا الانقلاب وقتًا ثمينًا من الجلسة، وكان من الأجدر بالمحكمة أن تلتزم بالنظام المتبع في مثل هذه القضايا.
ثانيًا: الانقلاب على التقارير الطبية
لقد شهدنا انقلابًا آخر تمثل في تلاعب النيابة العامة بالتقارير الطبية الخاصة بالرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز. هذه التقارير أُعدت بأوامر رسمية صادرة عن وزير العدل، وأخرى بطلب من المحكمة نفسها، ومع ذلك قامت النيابة برفض تلك التقارير واعتمدت على فريق طبي أرسل دون أي تشاور أو تنسيق معنا. هذا الفريق المكون من أربعة أطباء لم يتجاوز لقاءهم مع موكلي سوى التحية، ومع ذلك أفادت المحكمة أنهم أكدوا أن موكلي في صحة جيدة، وهو أمر مشكوك فيه، خصوصًا وأننا لم نُسلّم حتى الآن التقرير الطبي الذي أعده هذا الفريق. إننا نرى في هذا الإجراء محاولة لتوريط هؤلاء الأطباء، والزج بهم في هذا الملف لتشويه سمعتهم، وهو ما نرفضه بشدة.
ثالثًا: الانقلاب على حق الجمهور في حضور الجلسة
شهدنا اليوم أيضًا انقلابًا ثالثًا تمثل في مصادرة حق الجمهور في حضور الجلسة. فقد تم السماح بدخول جمهور اختارته المحكمة أو النيابة أو الشرطة، بينما مُنع المواطنون العاديون من الحضور رغم انتظارهم لساعات طويلة، بل إن بعضهم قضى ليلته أمام المحكمة. وهذا يمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ العلنية، ويعكس أن المحكمة باتت محكمة مغلقة منذ انطلاق جلساتها، في تجاوز واضح للقوانين التي تكفل علنية المحاكمات.
رابعًا: الاستعانة بشهود زور
ما يزيد من قلقنا هو لجوء المحكمة إلى من وصفناهم بـ”شهود زور”، للإدلاء بشهادات لا تمت للحقيقة بصلة. من بين هؤلاء الشهود نقيب المحامين السابق، وشخصية أخرى كانت آخر مدعٍ عام خلال فترة حكم الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، والتي أقيلت مرتين؛ الأولى من طرف الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال بسبب تورطه في تزوير انتخابات المحامين، والثانية من طرف موكلي بسبب دوره في إطلاق سراح أحد بارونات المخدرات. كيف يمكن الاعتماد على شهادات أشخاص كهؤلاء في قضية بهذا الحجم؟
خامسًا: الطلبات المقدمة للمحكمة
في ضوء هذه الانتهاكات، تقدمنا بطلبين أساسيين:
- التحقيق في الصندوقين والسيارة: نطالب بفتح تحقيق جاد وشفاف في قضية الصندوقين الماليين اللذين ذكر موكلي أنه استلمهما من الرئيس الحالي، بالإضافة إلى السيارة التي تم منحها له. هذه القضية تمثل جزءًا مهمًا من الحقيقة التي يجب الكشف عنها.
- الاستماع إلى الشهود: نطالب بالاستماع إلى شهادات وزراء ومسؤولين كبار وردت أسماؤهم في هذا الملف، لما لشهاداتهم من أهمية في كشف الحقيقة. نأمل من المحكمة أن تستجيب لهذا الطلب بكل حيادية وشفافية.
الخاتمة
السيد الرئيس، السادة القضاة،
إن ما شهدناه اليوم هو انتهاك واضح لمبادئ العدالة والشفافية. لقد تحولت المحكمة من حَكَم محايد إلى طرف في القضية، وهو ما يعمق قناعتنا بأن هذه المحاكمة سياسية وليست قانونية. ومع ذلك، نتمسك بحق موكلنا في محاكمة عادلة ونزيهة، ونطالب بضرورة الالتزام بالقانون وتوفير كل الضمانات القانونية له.
نرجو من عدالتكم الاستجابة لطلباتنا وتمكيننا من الدفاع عن موكلنا بالشكل الذي يضمن تحقيق العدالة.
والله ولي التوفيق.
المحامي: محمدن ولد اشدو
منسق هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز