مشروع الليثيوم في صربيا يثير جدلًا واسعًا وسط تحديات جيوسياسية
يواجه مشروع إنشاء أكبر منجم ليثيوم في أوروبا، الذي تنفذه شركة “ريو تينتو” الأنغلو-أسترالية بتكلفة 2.55 مليار يورو (2.7 مليار دولار)، تحديات كبيرة نتيجة الجدل البيئي والجيوسياسي. ورغم دعم الحكومة الصربية للمشروع، تثير المخاوف البيئية والاعتراضات المحلية قلقًا متزايدًا، بحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ.
أهمية اقتصادية وجيوسياسية
يعتبر هذا المشروع ذا أهمية كبيرة للرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، الذي يسعى لتقوية اقتصاد بلاده وربطها بالاتحاد الأوروبي، في ظل موازنة دقيقة بين علاقات صربيا مع روسيا والصين من جهة، ومساعيها للاندماج الأوروبي من جهة أخرى. ورغم الدعم الذي يحظى به المشروع من قادة الاتحاد الأوروبي ومسؤولين أميركيين، إلا أن تنفيذه ما زال مرهونًا بالتصاريح النهائية.
استخدام الليثيوم ودواعي الجدل
تمثل منطقة جادار موقعًا استراتيجيًا للمشروع، الذي يهدف لاستخراج الليثيوم، وهو معدن حيوي لصناعة البطاريات المستخدمة في السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات المتقدمة. ورغم وعود “ريو تينتو” بالالتزام بأعلى معايير حماية البيئة بعد دراسة استمرت 6 سنوات ونصف، تواجه الشركة احتجاجات شعبية واسعة بسبب المخاوف من تأثيرات المشروع على البيئة، بما في ذلك تلوث المياه والتربة.
رؤية صربية وسط ضغوط دولية
يرى فوسيتش أن المشروع قد يعزز فرص صربيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، رغم العقبات السياسية المرتبطة بعدم اعتراف بلغراد بدولة كوسوفو. ويأمل أيضًا أن يؤدي التحسن في العلاقات مع الغرب إلى تحقيق مكاسب استراتيجية، مستفيدًا من اهتمام شركات مثل “تسلا” بالليثيوم.
احتجاجات شعبية ومعارضة داخلية
تتصاعد المعارضة للمشروع داخل صربيا، حيث يرى المنتقدون أن الربح الاقتصادي يأتي على حساب تدمير البيئة. ووفق استطلاع رأي أجري مؤخرًا، يعارض نحو 60% من الصرب المشروع، بما في ذلك جماعات بيئية وأحزاب سياسية من مختلف التوجهات.
مخاوف بيئية ودعاية مضادة
تشمل أبرز المخاوف البيئية استخدام حمض الكبريتيك في عمليات استخراج الليثيوم وتأثيره المحتمل على التربة والمياه. ورغم نفي الشركة لهذه الادعاءات، يرى مراقبون أن المشروع أصبح ساحة للصراع بين الشرق والغرب، حيث تتهم الولايات المتحدة روسيا باستغلال الجدل لإضعاف العلاقات بين صربيا والغرب.
الرهانات المستقبلية
مع استمرار التوترات، يبقى مصير المشروع معلقًا بين الرغبة في تحقيق ازدهار اقتصادي والاستجابة للمخاوف البيئية والاجتماعية. وفي ظل الجدل القائم، يمثل المشروع اختبارًا لرؤية القيادة الصربية في موازنة المصالح الوطنية مع الضغوط الدولية.