من لعبة إلى ظاهرة: كيف أثارت “بوكيمون غو” الجدل حول استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي
في عام 2016، ظهرت لعبة جديدة مستوحاة من عالم “بوكيمون” الشهير، لتحقق نجاحاً ضخماً في وقت قياسي. ففي غضون أسابيع، تحولت اللعبة إلى ظاهرة عالمية، حيث تجاوز عدد لاعبيها 160 مليون لاعب في عامها الأول وفقًا لإحصائيات موقع “ستايستا” (Statista)، وجمعت أرباحًا تتجاوز 550 مليون دولار. وكانت اللعبة تقدم تجربة فريدة تعتمد على الواقع المعزز، الذي يجمع بين عالم اللعبة والعالم الحقيقي، مما جعلها جذابة لكافة الفئات العمرية. لكن مع مرور الوقت، تراجع عدد اللاعبين إلى 87 مليون لاعب في أكتوبر 2023، رغم أن الأرباح بقيت ثابتة عند 566 مليون دولار.
وفي 12 نوفمبر 2023، أعلنت شركة “نيانتيك” عن استخدام كافة البيانات والصور التي التقطها المستخدمون خلال السنوات الماضية لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي ينتمي إلى فئة “النماذج الجغرافية الفضائية الكبيرة” (LGM). هذا الإعلان فاجأ الكثيرين، وسبب موجة من الاستياء بين المستخدمين وخبراء الأمن السيبراني والمدافعين عن الخصوصية، باعتباره انتهاكًا لخصوصيتهم وتوظيفًا غير لائق لجهودهم.
ما هي نماذج “إل جي إم”؟
تعتبر نماذج “إل جي إم” مشابهة لـ “شات جي بي تي”، ولكنها مخصصة للمواقع الجغرافية. تعتمد هذه النماذج على الصور التي يتم إدخالها لتحديد المكان بدقة، ومعرفة جميع التفاصيل المحيطة به، سواء كانت حيوية أو غير حيوية. يعتمد النموذج على تقنية “نظام تحديد المواقع البصرية” التي طورتها “نيانتيك” خلال السنوات الماضية، والتي تقوم بإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد باستخدام الصور والبيانات المستمدة من هواتف مستخدمي الألعاب.
ماذا يعني هذا الإعلان؟
أعلنت “نيانتيك” في بيانها أنها قامت بتعديل سياسة وشروط استخدام لعبة “بوكيمون غو” في عام 2021 لتشمل استخدام البيانات في تطوير هذا النموذج، وهو أمر كان متوقعًا من شركة تحقق أرباحًا ضخمة. ولكن المشكلة تكمن في أن هذا التغيير لم يكن ضمن الشروط الأولية التي وافق عليها المستخدمون عند تحميل اللعبة، مما أثار استياءًا كبيرًا بين مستخدمي اللعبة.
لماذا كانت اللعبة ناجحة في البداية؟
تعتبر “بوكيمون” واحدة من أقدم سلاسل الأنمي الياباني، وتاريخها يعود إلى عام 1996. وقد حققت ألعاب “بوكيمون” نجاحًا كبيرًا على مختلف المنصات، حيث تم إصدار أكثر من 130 لعبة. ومع ذلك، كانت “بوكيمون غو” فريدة من نوعها، حيث قدمت تجربة حقيقية للاعبين من خلال التنقل في العالم الحقيقي والتقاط الوحوش، مما جعلها تجربة مغامرة لا مثيل لها.
مخاوف من الاستخدامات المستقبلية
بالرغم من الاستخدامات المفيدة لهذه النماذج في مجالات مثل السياحة والروبوتات المتقدمة، إلا أن هناك مخاوف من استخدامها في تطوير أسلحة ذكية وأنظمة قتالية آلية، تعتمد على الخرائط الجغرافية التي تحتوي على معلومات دقيقة حول المواقع. يمكن أن يؤدي هذا التطور إلى تطبيقات غير مرغوب فيها، خاصة في مجال الأمن العسكري، وهو ما أثار قلقًا واسعًا بين الخبراء.
الخاتمة
لا شك أن التطور التكنولوجي الذي أحدثته “نيانتيك” بتطوير هذه التقنية قد غيّر الطريقة التي يتم بها التعامل مع البيانات الجغرافية. ومع ذلك، يبقى السؤال حول كيفية استخدام هذه التقنية في المستقبل، وكيفية تنظيم استخدامها لحماية خصوصية المستخدمين ومنع استخدامها في المجالات التي قد تشكل تهديدًا للأمن العام.