مواجهة التفاهة المنظمة: طريق الإصلاح وصناعة التأثير
من المؤكد أن الصلاح بمفرده غير قادر على مواجهة الإفساد، إذ يتطلب التصدي للإفساد المتفاقم إصلاحًا منظمًا وممنهجًا، إذ لا يمكن التغلب على الإفساد المنظم إلا بإصلاح منظم، بينما يظل الإصلاح العشوائي في ظل هذا الإفساد المنظم مجهودًا غير مجدٍ.
الإفساد المعاصر والتفاهة المنظمة
يعتمد الإفساد الحالي على نشر السلوكيات والأفكار الشاذة، وتكريس نظام التفاهة عبر التأثير العميق على جيل الشباب. ورغم أن التفاهة كانت دائمًا موجودة، إلا أنها اليوم تحولت إلى نظام مدعوم، يُضعف الأجيال الشابة ويؤدي إلى فقدانهم المعنى. وكما قال الفيلسوف الكندي آلان دونو في كتابه “نظام التفاهة”: “التفاهة تحثنا على تقبل ما هو غير مقبول وكأنه حتمي”.
طريق مواجهة التفاهة
يرى الفيلسوف دونو أن القضاء على نظام التفاهة لا يتحقق إلا بجهود جماعية، أو ما يطلق عليه “القطيعة الجمعية”، التي تتطلب طرق تفكير تزيل المؤسسات والعقبات التي تعزز التفاهة. يشمل هذا التصدي الفكري والاجتماعي نشر الوعي بمخاطر الشذوذ الفكري والسلوكي، وتحديدًا في سياق الإلحاد والتشكيك بالثوابت وهدم بنية الأسرة عبر أفكار راديكالية.
أهمية بناء التأثير
كانت صناعة التأثير دائمًا ذات أهمية تاريخية؛ فقد حرص الأنبياء مثل موسى عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم على التأثير على الجماهير، لإيصال الرسائل للأكبر قدر ممكن من الناس. في عالم اليوم الافتراضي الذي أصبح منصة كبيرة للتأثير، صار من الضروري استغلال هذه الفضاءات بطرق فعالة ومنهجية.
التأثير وهندسة الحياة
تتطلب صناعة التأثير القدرة على بناء حياة ذات تأثير إيجابي على المستويين الفردي والجماعي. ويعرّف الدكتور علي الحمادي صناعة التأثير بأنها أن يكون للإنسان دور ريادي، يسهم في حياة الناس ويضيف إليها. فهندسة الحياة تعني أن يكون للمرء أثر كبير لا يُستهان به، كما يقول الشاعر أحمد شوقي:
“دقات قلب المرء قائلة له… إن الحياة دقائق وثوانِ”