هبوط مفاجئ لرموز إن إف تي: كيف تحولت “أوبن سي” من النجاح إلى التدهور؟

في عام 2022، بلغ إجمالي تداول رموز “إن إف تي” (NFT) أكثر من 6 مليارات دولار، إلا أن هذا الرقم شهد تراجعًا كبيرًا ليصل الآن إلى أقل من 430 مليون دولار، مما يرمز إلى بداية تدهور قطاع العملات الرقمية الذي كان قد شهد طفرة مفاجئة قبل أن ينخفض بشكل حاد.
في وقت ما، كانت رموز “إن إف تي” تحتل اهتمامًا عالميًا، حيث سعى الجميع وراء الحصول على الرموز النادرة والمميزة، آملين في تحقيق ثروة سريعة. وقد دفعت هذه الظاهرة العديد من الشركات العالمية والمستثمرين الكبار إلى ضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال، بما في ذلك علامات فاخرة مثل “غوتشي” و”لويس فيتون”، بالإضافة إلى مشاركات من مشاهير مثل سنوب دوغ وباريس هيلتون وإيمينيم.
ورغم الطبيعة المتقلبة للعالم الرقمي، فإن “أوبن سي” (OpenSea)، التي كانت تعد المنصة الأكثر شهرة لتداول رموز “إن إف تي”، لم تتمكن من الصمود أمام هذه التقلبات. وفي مواجهة تحديات متعددة، بدأت الشركة في الانحدار بشكل يهدد وجودها.
البداية غير التقليدية
في عام 2017، بدأ ديفين فينزر وأليكس عطا الله في مشروع مبتكر يتيح للمستخدمين مشاركة اتصال “واي فاي” مع الغرباء مقابل عملات رقمية، وقد حصلوا على دعم من حاضنة الأفكار “واي” (Y Combinator) التي تبنت المشروع. ومع ظهور ظاهرة “إن إف تي” في تلك الفترة، قرر المؤسسان تحويل مشروعهم ليصبح متجرًا مختصًا في تداول هذه الرموز.
صعود سريع
لم يكن النجاح فوريًا، إذ بدأ المشروع مع عدد قليل من العمليات اليومية. ومع ذلك، تغيرت الأمور بشكل دراماتيكي في عام 2021، عندما بيعت إحدى رموز “إن إف تي” مقابل 69 مليون دولار، ما أدى إلى قفزة هائلة في حجم التداولات. نجحت “أوبن سي” في جمع 23 مليون دولار، وحققت الشركة تقييمًا قدره 120 مليون دولار، ليبدأ توسعها السريع.
التحديات والمشاكل
رغم هذا النمو الكبير، بدأت المشاكل تظهر في عام 2023، عندما تم اكتشاف أن رئيس قسم المنتجات في الشركة كان يقوم بتسريب معلومات وتداول رموزه الخاصة عبر الموقع لتحقيق أرباح شخصية، مما أدى إلى فصله من الشركة وحكم عليه بالسجن. وتبع ذلك العديد من المشاكل التقنية مثل توقف الموقع المتكرر والرموز غير القيمة أو الاحتيالية، مما زاد من التحديات.
وفي عام 2022، حققت الشركة أرباحًا كبيرة ولكن مع انخفاض سوق “إن إف تي” وتراجع قيمة العملات الرقمية مثل “إيثر”، تراجعت أرباح “أوبن سي” بشكل كبير. ومع استمرار التراجع، تم تسريح 20% من الموظفين وبدأ مؤسس الشركة، عطا الله، في الانسحاب من منصبه.
ظهور المنافسين
أدى ظهور منصة “بلور” المنافسة التي اعتمدت نموذج عمل مغاير إلى تسريع التراجع في “أوبن سي”. حيث كانت “بلور” تعتمد على خفض عمولاتها مما جعلها أكثر جذبًا للمتداولين، مما أدى إلى تقليص حصة “أوبن سي” السوقية بشكل كبير.
في محاولة للتعافي، أطلقت “أوبن سي” مبادرة جديدة تحت اسم “أوبن سي 2.0” بهدف إعادة الهيكلة والعودة إلى سابق عهدها، لكن التحديات القانونية والبيئية المحيطة بالشركة تجعل من الصعب التكهن بمستقبلها، وقد تنتهي رحلتها بشكل غير متوقع.