هل تمتلك الحكومة الأدوات الكافية للخروج من أزمة الدولار في مصر؟


منذ سنوات، تعتمد مصر على مصادر مختلفة للحصول على النقد الأجنبي، وتشمل ذلك عوائد الصادرات بما فيها النفط والغاز، وإيرادات قناة السويس، والسياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية.
ومع ذلك، فإن احتياجات مصر النقدية تفوق مواردها الحالية، وتظهر هذه الفجوة بوضوح في البيانات الرسمية حول العجز في ميزان المدفوعات بين الصادرات والواردات السلعية والخدمية.
حسب البنك الدولي، بلغت قيمة الصادرات السلعية والخدمية لمصر في عام 2022 نحو 71.9 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات السلعية والخدمية حوالي 104.3 مليار دولار، مما أدى إلى عجز يبلغ حوالي 32.4 مليار دولار.
ونظرًا لاستمرار هذا العجز في السنوات السابقة بمتوسط 30 مليار دولار سنويًا، يلجأ الاقتصاد المصري إلى الاقتراض الخارجي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى جلب أموال الأجانب في أدوات الدين المحلية لتعويض هذا الفجوة.
تراجع موارد النقد الأجنبي
تعرضت مصر لتحديات كبيرة فيما يتعلق بالنقد الأجنبي خلال فترة جائحة فيروس كورونا والتداعيات السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا. تأثرت الوضعية بشكل كبير بخروج أموال الأجانب من أدوات الدين الحكومي وتراجع تحويلات العاملين بالخارج بسبب السوق السوداء للعملة بعد تخفيض قيمة الجنيه.
بيانات البنك المركزي المصري تشير إلى تراجع عدد من مصادر النقد الأجنبي، حيث انخفضت تحويلات العاملين بالخارج بنحو 6.4 مليارات دولار، وصافي استثمارات محفظة الأوراق المالية بنحو 3.4 مليارات دولار. كما تراجعت أرباح الاستثمارات الأجنبية في مصر بمقدار 14.7 مليار دولار.
عجز صافي أصول النقد الأجنبي بالبنوك المصرية وصل إلى 750.9 مليار جنيه مصري (ما يعادل 24.2 مليار دولار بسعر صرف 31 جنيهًا للدولار) في مارس/آذار 2023، مما أثر على حركة الإنتاج وأنشطة التجارة في البلاد.
إجراءات تقليص الواردات السلعية تأثرت بشكل كبير بفترة النقص في النقد الأجنبي، حيث تراجعت هذه الواردات بنحو 12.5 مليار دولار خلال الفترة بين يوليو/تموز 2022 ومارس/آذار 2023.
أدوات ومبادرات الحكومة
خلال السنوات الثلاث الماضية، سعت الحكومة المصرية إلى إيجاد حلول لأزمة النقد الأجنبي وتعزيز الموارد النقدية في البلاد. قدمت الحكومة عدة مبادرات من بينها:
- السماح للمصريين العاملين بالخارج باستيراد سيارات وإعفائها من الرسوم الجمركية مقابل إيداع 5 آلاف دولار في حساب وزارة المالية كوديعة، تسترد بعد 5 سنوات بالجنيه المصري حسب سعر الصرف الحالي.
- طرح أراض ووحدات سكنية للعاملين بالخارج مقابل سداد الثمن بالدولار، وتم توسيع إمكانية شراء الأجانب لعقارات بمصر بشرط الدفع بالدولار.
- طرح بنكي مصر والأهلي شهادات ادخارية بالدولار لمدة 3 سنوات بسعر فائدة عالي بلغ 7%، يصرف بالدولار كل عام، أو بنسبة فائدة تراكمية 27% تصرف في نهاية السنوات الثلاث.
- تسوية موقف المتخلفين عن التجنيد للمصريين بالخارج الذين تجاوزوا 30 عامًا، مقابل دفع مبلغ 5 آلاف دولار أو ما يعادلها باليورو.
بالإضافة إلى ذلك، لم تتوقف جهود الحكومة لتغطية العجز في النقد الأجنبي عند هذه المبادرات، بل سعت أيضًا لبيع حصص في ملكية شركات قطاع الأعمال العام لشركات خليجية وأخرى، حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخرًا عن إتمام تعاقدات بيع حصص في شركات قطاع الأعمال العام بقيمة تقدر بنحو 1.9 مليار دولار.