هل تنجح قوة الساحل الجديدة في محاربة المجموعات المسلحة بأفريقيا؟
في السادس من مارس/آذار الحالي، قامت القيادات العسكرية في النيجر، مالي، وبوركينا فاسو بتوقيع اتفاق يهدف إلى إنشاء قوة دفاعية مشتركة، بهدف مواجهة “الجماعات الإرهابية والحركات المسلحة التي تنشط في المناطق الصحراوية، والتي تعتبر تهديداً للاستقرار والسلام في العديد من البلدان”.
في سبتمبر/أيلول من العام 2023، انضمت الدول الثلاث إلى تحالف عسكري، يهدف بشكل رئيسي إلى مواجهة التهديدات المشتركة، مع التركيز على مكافحة الإرهاب والحركات الانفصالية التي تعد من بين أخطر التحديات التي تواجه المنطقة.
هذه الخطوات تأتي في سياق تحركات الدول الثلاث بعيداً عن التبعية للنخب الحاكمة السابقة والتي كانت تحت سيطرة فرنسا والقوى الغربية. ومع ذلك، تواجه هذه القوى التحالفية تحديات كبيرة من خلال تنامي الحركات والمجموعات المسلحة في المناطق الشاسعة، والتي تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار.
تبقى الأسئلة حول مدى قدرة هذه القوات المشتركة على هزيمة هذه الجماعات وتحقيق الاستقرار الدائم في بلدانهم مفتوحة، مع ضرورة تحقيق التعاون الدولي والتنسيق الفعال بين الدول المعنية والشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق هذا الهدف المشترك.
أرقام عالمية
تندرج منطقة الصحراء والساحل ضمن البؤر الرئيسية للعنف والتطرف، حيث شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في الأحداث المتعلقة بالحركات المسلحة في مالي وبوركينا فاسو وغرب النيجر بنسبة تضاعفت إلى سبعة أضعاف منذ عام 2017.
ووفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، تحتل بوركينا فاسو المرتبة الثانية بعد أفغانستان، فيما تأتي مالي والنيجر ضمن قائمة الدول العشر الأكثر تضررًا في العالم من الإرهاب والعنف والتطرف.
وفي تصريحات سابقة للرئيس التنفيذي لمعهد الاقتصاد والسلام ستيف كيليليان، أفاد بزيادة نسبة قتلى الإرهاب بنسبة 8% في المنطقة خلال عام 2023، حيث تصل نسبة 52% من ضحايا الإرهاب على مستوى العالم في مالي وبوركينا فاسو.
تشهد المنطقة الساحلية نشاطًا متنوعًا لمجموعات مسلحة، تتباين خلفياتها وأهدافها، فمنها الحركات التي تعتمد على الأيديولوجيا مثل بوكو حرام وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا. ومنها أيضًا الحركات ذات الأهداف الجيوسياسية مثل الحركات الانفصالية في مالي والنيجر، ومجموعات الدفاع عن النفس في بوركينا فاسو ونيجيريا.
بعد موجة الانقلابات التي شهدتها المنطقة في عام 2020 وانسحاب القوات الفرنسية والأممية من مالي والنيجر، ازدادت الجماعات المسلحة نشاطها مستغلة الفراغ الأمني الناتج عن هذا الانسحاب.
وفي محاولة لسد هذا الفراغ، وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو ميثاق ليبتاكو غورما في 16 سبتمبر/أيلول 2023، يهدف إلى تعزيز التعاون ومحاربة الجماعات الإرهابية في المنطقة الحدودية المشتركة بين الدول الثلاث.
ويعتبر منطقة ليبتاكو غورما التي تقع عند تقاطع حدود الدول الثلاث مركزًا للنشاطات الإرهابية والجريمة المنظمة، حيث شنت هجمات واسعة واستخدمت كممر لتهريب المخدرات إلى أوروبا.
بعد هجمات مشتركة نفذتها قوات الدول الثلاث ضد المجموعات المسلحة، وبناءً على زيارات ميدانية لقادة الجيوش في المناطق الحدودية، تم الإعلان عن تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمواجهة التحديات الإرهابية المشتركة.
قدرات
على الرغم من عدم إفصاح بيان قادة الأركان عن التفاصيل المحددة حول حجم التشكيل الدفاعي، إلا أن الجنرال موسى بارمو، قائد القوات المسلحة في النيجر، أشار إلى أن القوة ستكون جاهزة للعمل في القريب العاجل.
تتوفر الدول الثلاثة على قدرات عسكرية تتراوح بين المتوسطة والضعيفة، سواء من حيث التسليح، الإمكانيات اللوجيستية، أو العناصر البشرية.
وفقًا لتصنيف موقع “غلوبال فاير” للجيوش عام 2023، تحتل مالي المرتبة الثالثة في منطقة غرب أفريقيا والـ21 على مستوى القارة الإفريقية، بينما تأتي في المرتبة 110 على مستوى العالم، حيث بلغت نفقاتها العسكرية حوالي 591 مليون دولار.
أما جيش بوركينا فاسو، فيحتل المرتبة الخامسة في المنطقة والـ26 على مستوى القارة، والـ121 على مستوى العالم، حيث بلغت نفقاته العسكرية حوالي 440 مليون دولار.
بالنسبة لجيش النيجر، فهو الأضعف تسليحاً بين الدول الثلاث، وقد بدأت وزارة الدفاع خطة لتطويره وزيادة أفراده منذ عام 2020.
من الجدير بالذكر أن مالي وبوركينا فاسو تمتلكان 59 طائرة حربية، و2300 مدرعة ومركبة عسكرية، و27 مدفعاً مقصوراً، و50 من راجمات الصواريخ، وتضم عدد الجنود في الدولتين 37 ألف عسكري.
أما النيجر، فقد بدأت خطتها عام 2020 لتضاعف عدد أفراد القوات المسلحة من 25 ألف جندي إلى 50 ألفاً.
مؤخرًا، شهدت الدول الثلاث تعاونًا عسكريًا مع موسكو، حيث تضمنت هذه العملية شراء العديد من الأسلحة، وزيادة قدرات الجيوش من خلال التدريب ودعم القدرات القتالية. كما اشترت مالي باماكو نهاية العام الماضي عددًا من طائرات بيرقدار المسيرة من تركيا.
وفي سياق متصل، قام رئيس وزراء النيجر، علي محمد الأمين الزين، بزيارة إلى أنقرة، حيث كان التعاون العسكري والأمني بين البلدين من بين أجندة الزيارة.