هل يشير قرض تركيا من البنك الدولي إلى نيتها الانخراط في المنظومة الدولية؟
تركيا تلقت مؤخراً دعماً مالياً بقيمة مليار دولار من البنك الدولي لإعادة تأهيل المناطق التي تعرضت للزلزال في فبراير/شباط 2023. ومع ذلك، جاء هذا التمويل في وقت أثيرت فيه مخاوف بشأن تأثيره على السياسات النقدية والمالية في تركيا. يُذكر أن تركيا كانت قد سددت كامل قروضها لصندوق النقد الدولي في منتصف عام 2013.
تركيا ليست للمرة الأولى تحصل فيها على قرض من البنك الدولي. في سبتمبر/أيلول 2022، منح البنك الدولي لتركيا قرضاً بقيمة 512.2 مليون دولار لتعزيز المساكن والبنية التحتية لمواجهة الأخطار الطبيعية والمناخية.
الفرق بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يكمن في وظائفهما وأغراض تقديم القروض:
- البنك الدولي: يُعنى بتقديم التمويل لدعم مشاريع التنمية والبنية التحتية في البلدان النامية. يركز على تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة حياة السكان من خلال تمويل مشاريع في مجموعة متنوعة من القطاعات، مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والزراعة، والبيئة.
- صندوق النقد الدولي: يُركز على تقديم الدعم المالي للبلدان التي تواجه مشكلات في ميزان مدفوعاتها وصعوبات في تمويل عجزها الميزاني. يتضمن دوره الرئيسي تقديم سياسات اقتصادية ونقدية مستدامة وإجراءات هيكلية لتصحيح الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي.
المخاطر المترتبة على الاقتراض من هذين المؤسستين تختلف. عندما تستدان تركيا من البنك الدولي، فإنها تتعهد بتنفيذ مشاريع معينة وإصلاحات هيكلية محددة تستند إلى متطلبات القرض. أما عندما تتعامل مع صندوق النقد الدولي، فإنها تتعهد بتنفيذ إجراءات تصحيحية أو إصلاحات اقتصادية معينة قد تشمل تقليص الإنفاق الحكومي أو تحسين سياستها النقدية.
طبيعة الديون الخارجية لتركيا تتعلق بالقروض والسندات التي تقوم الحكومة التركية بالاقتراض بها من مصادر خارجية. هذه الديون تكون متنوعة وقد تشمل القروض من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وأيضًا السندات التي تصدرها الحكومة للمستثمرين الدوليين. تساعد هذه الديون في تمويل مشاريع التنمية والاستثمارات في البنية التحتية، ولكنها تتطلب أيضًا سداد فوائد ورؤوس الدين في المستقبل، وهذا يتطلب تخصيص موارد مالية لسدادها.
هل تختلف مهام البنك الدولي عن صندوق النقد؟
يذكر موقع مجموعة البنك الدولي أن عضوية في صندوق النقد الدولي تُعتبر مدخلاً للاستفادة من خدمات البنك الدولي. ويشمل عدد أعضاء البنك الدولي 189 عضوًا، في حين يتألف صندوق النقد من 190 عضوًا.
بالنسبة لدور كل من البنك والصندوق، يوضح الموقع أن البنك الدولي يركز على مساعدة الدول النامية في مكافحة الفقر وتعزيز الرخاء المشترك. يسعى إلى تحقيق النمو الاقتصادي الشامل الذي يستفيد منه أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع.
يرجى مساعدتي في توجيهك بمزيد من المعلومات أو الصياغة إذا كنت تحتاج إلى مزيد من التفاصيل أو تعديل المعلومات المذكورة.
بينما يركز صندوق النقد الدولي على متابعة أداء الاقتصاد العالمي والدول الأعضاء، ويقدم الدعم الفني للدول التي تعاني من صعوبات في ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة، يتعامل البنك الدولي عادة مع مشروعات محددة في الدول النامية تتوافق مع أهدافه الرئيسية. بنك الدولي يقدم التمويل لدعم تلك المشروعات، بينما تكون قروض صندوق النقد مشروطة بتصحيحات اقتصادية أو ميزانيات حكومية.
للتعامل مع البنك والصندوق الدوليين، يجب على الدول الحصول على عضويتهما وسداد حصصهما في رؤوس الأموال. ووفقًا لتقرير صندوق النقد لعام 2022، بلغ إجمالي القروض التي قدمها الصندوق للدول الأعضاء 113 مليار دولار، منها 9 مليارات دولار توجهت إلى حوالي 14 دولة ذات دخل منخفض.
أما بنك الدولي، فسجل تقريره السنوي للعام نفسه أن قيمة الالتزامات الاقتراضية للدول العالمية بلغت 86.7 مليار دولار. وأظهر التقرير أن أفريقيا استحوذت على النصيب الأكبر من هذه القروض بما يقدر بنحو 38.5 مليار دولار، تليها جنوب آسيا بمقدار 13.5 مليار دولار.
لاحظ أن هذه الأرقام تظهر حجم الدعم المالي الذي يقدمه البنك والصندوق الدوليين للدول حول العالم وتوزيعه على مناطق محددة.
ما مزايا وعيوب الاقتراض من البنك والصندوق الدوليين؟
توجد سمعة سلبية لدى البلدان النامية والصاعدة تجاه مؤسستي البنك والصندوق الدوليين، وذلك بسبب برامجهما المعروفة بـ “الإصلاح الاقتصادي”. هذه البرامج غالباً ما تتضمن شروطاً قاسية تؤثر في مستوى معيشة المجتمعات، مثل إلغاء الدعم، وتقليص الوظائف الحكومية، وتحرير التجارة، وتحرير أسعار الصرف، ورفع أسعار الفائدة، وتلك الإجراءات تسبب تأثيراً اجتماعياً سلبياً.
ومن السلبيات المتعلقة بالاقتراض من هاتين المؤسستين الدوليتين هي الأجندات التي تفرضها على السياسات الاقتصادية، سواء من الناحية المالية أو النقدية، دون مراعاة الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
منذ قررت تركيا تخفيض قيمة الليرة ورفع أسعار الفائدة، ارتفع معدل التضخم بشكل ملحوظ، حيث وصل إلى أكثر من 58% في نهاية أغسطس الماضي مقارنة بنسبة 38.2% في نهاية يونيو. هذه السياسات التي جرى تنفيذها قد أثرت بشكل كبير على التوجهات الاقتصادية التركية وربما تمهد الطريق لزيادة التعاون مع المؤسسات المالية الدولية.
من ناحية أخرى، تتميز قروض البنك والصندوق الدوليين بسعر فائدة منخفض مقارنة بالمصادر الأخرى للتمويل مثل السوق الدولية للسندات أو البنوك التجارية أو القروض الثنائية. كما تتضمن غالباً فترات سماح طويلة وفترات سداد مرنة. على سبيل المثال، في حالة القرض الأخير الذي حصلت عليه تركيا بقيمة مليار دولار من البنك الدولي، ستتم سداده على مدى 18 عامًا، بما في ذلك فترة سماح تمتد لمدة 5 سنوات، وهذا يجعل شروط البنك الدولي أكثر مرونة مقارنة بباقي مؤسسات الإقراض الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يُشير تقرير وكالة بلومبيرغ إلى أن البنك الدولي قد يزيد من قروضه لتركيا إلى 35 مليار دولار، مما يعزز من التعاون المالي بين تركيا وهذا المؤسسة الدولية. هذه التطورات تشير إلى أهمية العلاقات بين البلدان والمؤسسات المالية العالمية في تحديد مسارات السياسات الاقتصادية والنقدية.
رفع معدلات الضرائب أثر بشكل كبير على أداء الموازنة العامة في تركيا، حيث سجلت فائضًا بلغ 1.8 مليار دولار في يوليو الماضي. ومع ذلك، خلص أداء الموازنة على مدار الأشهر السبعة الأولى من هذا العام إلى عجز تقريبي بلغ 16 مليار دولار تقريبًا.
يمكن تفسير عجز الموازنة التركية على مدار السبعة أشهر الأولى من هذا العام بشكل رئيسي بفضل التكاليف العالية المرتبطة بعمليات إعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء الزلزال في مناطق جنوب البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تسببت الوعود السخية التي قدمها الرئيس أردوغان قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في زيادة العبء المالي على الميزانية، حيث منح المواطنين العديد من المزايا المالية.