اقتصاد

العدوان على غزة يستمر في تأثير سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي

عادت تكلفة الحرب في قطاع غزة إلى الواجهة بعد الإعلان الرسمي من وزارة المالية الإسرائيلية، حيث أفادت بأن الحرب خلال الأسابيع الثلاثة الأولى كلفت الخزانة العامة ما يقارب 30 مليار شيكل (7.5 مليار دولار). هذا المبلغ لا يشمل الأضرار التي لحقت بالأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة، والأضرار المباشرة وغير المباشرة التي أثرت على النشاط الاقتصادي.

وفي مؤتمر صحفي أُقيم مساء يوم الأربعاء، كشف رئيس شعبة الموازنة في وزارة المالية، يوغيف غيردوس، عن تقديرات الوزارة بخصوص الأضرار الكبيرة التي تسببت فيها هذه الحرب لميزانية الدولة. وفقًا لما نقلته صحيفة “كلكليست” العبرية، أفاد غيردوس بأن الأضرار التي تعرضت لها ميزانية الدولة بلغت حوالي 30 مليار دولار، توزعت كالآتي: 20 مليار شيكل (5 مليارات دولار) تمثل تكلفة الأسلحة وجهود الحرب، بينما بلغت 10 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار) لتمويل عمليات إخلاء السكان ودعم السلطات المحلية. ولاحظ أن هذه التكلفة لا تشمل الأضرار المباشرة التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي جراء عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام، والتي كانت متوقعة أن تكون لها تأثير طفيف على الاقتصاد الإسرائيلي.

نفقات وخسائر

وفقًا لغيردوس، تبلغ تكاليف القتال في اليوم الواحد حوالي مليار شيكل (250 مليون دولار)، ومن المتوقع أن تزيد النفقات الإجمالية مع استمرار القتال.

وقدرت وزارة المالية أن الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد تصل إلى حوالي 10 مليارات شيكل شهرياً نتيجة القتال (2.5 مليار دولار). وهذا يعني أن النمو الاقتصادي في إسرائيل سيتباطأ بشكل كبير فيما تبقى من العام.

وأشار غيردوس إلى أن تكاليف الحرب الحالية في غزة تعتبر هائلة بالمقارنة مع الجولات السابقة من القتال، وأن هناك حاجة إلى التصرف بمسؤولية. يبدو أن الحرب ستستمر لفترة طويلة، وليس لدينا رغبة في تكبد ضربة مالية واقتصادية أخرى.

من جهته، قام وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بزيادة عجز الميزانية للعام الحالي إلى 4٪ بدلاً من 1.5٪، وزيادته إلى 5٪ في عام 2025. وأضاف سموتريتش أنهم يقومون بإعداد ميزانية جديدة لعام 2024 وسيقدمون سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي تدعم النمو، بهدف تعزيز الاقتصاد خلال فترة القتال وبعده. وعلى الرغم من أن العجز سيزيد، إلا أنه سيحدث مرة واحدة فقط وفقًا لما ذكرته صحيفة “دى ماركر” الاقتصادية.

تأتي هذه المعلومات الرسمية في سياق تدهور الاقتصاد الإسرائيلي وتأثر سوق العمل والأنشطة التجارية بشكل كبير منذ اندلاع معركة “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

أفادت الدائرة المركزية للإحصاء الإسرائيلية اليوم الخميس أن استطلاعاتها أظهرت أن الحرب على غزة أثرت بشكل كبير على الأنشطة التجارية، حيث أدى ذلك إلى تجميد شبه كامل في هذا القطاع. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت سوق العمل بشكل كبير، حيث لا يزال هناك 764,000 عامل عاطل عن العمل، ما يعادل حوالي 18% من إجمالي القوى العاملة. وتشير البيانات إلى أن هذا العدد هو الحد الأدنى وقد يصل إلى حوالي مليون عامل.

ووفقًا للمعلومات التي نشرتها وزارة العمل اليوم، تم فصل مئات الآلاف من العمال عن وظائفهم نتيجة للأضرار التي ألحقت بمختلف الصناعات وبسبب استدعاء قوات الاحتياط في الجيش للمشاركة في الحرب. هذا يفرض عبئًا كبيرًا على “اقتصاد الحرب” وعلى الخطط المعدة لتقديم تعويضات من قبل وزارة المالية، وفقًا لما ذكرته صحيفة “غلوبس” الاقتصادية.

العمل والبطالة

يمكن تقسيم العاطلين عن العمل بسبب الحرب إلى أربع مجموعات:

  • جنود الاحتياط الذين يبلغ عددهم حوالي 360 ألف شخص.
  • سكان “غلاف غزة” والمناطق القريبة من الحدود الشمالية الذين تم إخلاؤهم من منازلهم ولا يمكن للعديد منهم ممارسة أعمالهم بسبب الوضع، وتقدر عددهم بنحو 127 ألف شخص.
  • الآباء والأمهات الذين يعتنون بأطفال تقل أعمارهم عن 10 سنوات، والذين يضطرون إلى تقليل وقت العمل أو التخلي عنه نتيجة تجنيد أحد الزوجين في الاحتياط وتعليق الدراسة في بعض المناطق.
  • الصناعات التي توقفت جزئيًا أو كليًا بسبب الحرب، مثل البناء والترفيه وتجارة التجزئة والرياضة والسفر. ويقدر عدد العمال الذين فقدوا وظائفهم في هذه الصناعات بنحو 319 ألف شخص.

وتشمل هذه الإحصائيات العمال الإسرائيليين فقط، ولا تشمل العمال الأجانب الذين تأثرت أعمالهم أيضًا. يجدر بالذكر أن هذه الأرقام تمثل نسبة كبيرة من القوى العاملة، ولكنها أقل تداولًا مما شهدته البلاد خلال أزمة كورونا.

خسائر متفاقمة

أما بالنسبة للخسائر التي تكبدتها المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة خلال فترة الحرب الممتدة لثلاثة أسابيع، فقد أظهر استبيان أجرته دائرة الإحصاء المركزية أن 51% من هذه المصالح فقدت أكثر من نصف إيراداتها خلال شهر أكتوبر الماضي مقارنة بالإيرادات الشهرية خلال العام المالي الحالي.

تعكس تقارير مدراء المصالح التجارية حجم التأثر بالتوظيف والخسائر التي لحقت بشركاتهم وأعمالهم خلال فترة الحرب. وأشاروا إلى أن 37% من إجمالي الشركات والمصالح في إسرائيل أبلغت عن الحد الأدنى للتوظيف والاستغناء عن موظفين.

تم تسجيل الخسائر بشكل خاص فيما يتعلق بتأثير الحرب على سوق العمل والأضرار الأكبر تأثرًا كان في المناطق الجنوبية. حيث أبلغ حوالي 59% من الشركات والمصالح عن الحد الأدنى للتوظيف. يجدر بالذكر أن 62% من الشركات التي تعمل في مجال العقارات والبناء تنشط بحد أدنى فيما يتعلق بالتوظيف.

زر الذهاب إلى الأعلى