ظروف الدراسة عامل حاسم في الهجرة إلى العاصمة
المتتبع للهجرة صوب العاصمة نواكشوط يخرج باستنتاج واحد لعله الأبرز والأهم في رصد هذه الظاهرة الخطرة التي تلقي بظلالها على الحياة الإقتصادية والإجتماعية للمواطن الريفي البسيط الذي وجد نفسه وسط تحديات إقتصادية واجتماعية بالغة الأهمية .
إن الهجرة التي تسارعت خلال السنوات القليلة الماضية نحو العاصمة تعود بالأ ساس إلى بحث الأولياء عن مكان يضمنون فيه دراسة أبنائهم في الثانوية العامة أوالجامعة لأن كل عواصم الولايات لاتحتوي على جامعات ’وهذا نقص كبير في البنية التحتية للمنظومة التعليمية في بلد يقع على مساحة مترامية الأطراف وعدد ساكنته لم تبلغ الأربعة ملايين نسمة وله خيرات هائلة لم توفق معظم الحكومات في وتجيهها للبنية التحتية التي يتساوى الجميع في الإ ستفادة منها ’ فليس من المعقول أن تظل دولة في عقدها السبعين بعد الإ ستقلال تتوفر على جامعة واحدة .
فمما لاشك فيه أن هناك جهودا كبيرة للحكومة قد قيم بها بشأن تطوير المنظومة التعليمية مثل إنشاء المعاهد المهنية في معطم الولايات الداخلية لكنها لاتمتص إلا النزر القليل من الطلاب الذين لم تتوفر لهم ظروف متابعة دروسهم الجامعية لأسباب اقتصادية واجتماعية قاهرة .
إن الدولة بوصفها مسؤولة عن تعليم الجميع عليها العمل وفق خطة دقيقة وثابتة على تزويد عواصم الولايات بالجامعات التي تتوفر على المميزات والمعايير الجامعية الدولية وأن لا تكون جامعات مبنية على أساس سياسي وليس على أساس علمي بحت .
إن التنمية تتطلب توفير الجامعات في عواضم الولايات حتى يتم تثبيت السكان في أماكن سكنهم ’وذالك بواسطة توفير الإختصاصات المطلوبة لدى الطلاب الناجحين في الشهادات الأساسية والإعدادية والثانوية ’ وحينها لن يكون هناك مبرر لمغادرة المواطنين لأماكن سكنهم .
فالدولة المسؤولة عن توفير الدراسة لأبنائها مسؤولة عن بناء جامعات في كل عواصم الولايات من أجل توفير هذه الخدمة الأساسية للطلاب الباحثين عن إكمال دراستهم الجامعية ’ فليس من المعقول بعد سبعة عقود من الإ ستقلال أن تبقى الدولة تحتوي على جامعة واحدة تبقى عاجزة عن توفير واستعاب مقاعد دراسية للناجحين في المسابقات الإ شهادية للبكالوريا الوطنية .
فلامعنى إطلاقا أن يكون البلد غنيا ولا يتوفر على بنية تربوية مكتملة توفر الإ حتياجات المطلوبة للدارسين على اختلاف مشاربهم ونزعاتهم .
لذالك قد يعتقد البعض أن هناك عاملا ثانيا يتعلق بالبحث عن الشغل بوصفه محركا أساسيا قد يكون وراء هذه الهجرات المتتاية صوب العاصة التي باتت تعاني من اكتظاظ سكاني غير مسبوق ’ مما ساهم في بروز تحديات أمنية كبيرة بفعل التفاوت في الفرص وغياب التعلم في أوساط الشباب الذي يعول عليه في تحسين صورة البلد والعمل على نتنميته بشكل تشاركي يشعر فيه كل واحد من المجتمع أنه قدم شيئا هاما لإزدهار الوطن ووحدته .