المبادرات والدعوات الفصائلية: خيارات الضفة السياسية تجاه غزة
رغم الحصار الإسرائيلي وتقطيع مناطق الضفة الغربية، تستمر مظاهرات الغضب والمقاومة المسلحة في التضامن مع قطاع غزة. في حين لا تزال القيادة الفلسطينية تدعو إلى وقف الحرب وإغاثة القطاع، وتعتمد على الضغط الدولي لتحقيق انفراج. يظهر الرفض الإعلامي للعودة إلى غزة على ظهر دبابة إسرائيلية.
وفي هذا السياق، تطالب أصوات بتحديد موقف وخيارات السلطة الفلسطينية بشكل أكبر، وسط تساؤلات حول خياراتها السياسية في ظل استمرار عدوان الاحتلال على غزة وتصاعد هجمات المستوطنين في الضفة.
حركة “المبادرة الوطنية” دعت إلى تشكيل “قيادة وطنية موحدة” لمواجهة “جرائم الحرب والتطهير العرقي” في غزة والضفة. أطلقت المبادرة بعنوان “المجزرة الوحشية والنكبة الجديدة”، وحذرت من محاولات أميركا وإسرائيل فرض سياسة “فرّق تسد”، محذرة من عواقب وخيمة تطال كل مكونات الشعب الفلسطيني إذا لم يتحدوا لحماية غزة.
تغيير جذري
في إطار تفصيل الخيارات السياسية المتاحة وتقديم خطة للسلام في غزة، أشار رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، إلى أهمية إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين المدنيين في غزة دون قيد أو شرط. يبرز فياض أهمية التفاوض مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وقوى المقاومة كمكون أساسي للحديث حول مستقبل اليوم التالي.
من وجهة نظر فياض، يعتبر أن السلطة الفلسطينية، في الوضع الراهن، غير قادرة على إدارة غزة. وفي هذا السياق، يطالب بتوسيع منظمة التحرير الفلسطينية دون قيود لتشمل جميع القوى الفلسطينية، خاصةً حركتي حماس والجهاد. يشدد على ضرورة أن تتولى السلطة الجديدة مسؤولية كاملة لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، في إطار فترة انتقالية تمتد عدة سنوات.
من جهة أخرى، حددت منظمة التحرير الفلسطينية، وفقًا لواصل أبو يوسف عضو لجنتها التنفيذية، أربع آليات رئيسية لخياراتها السياسية:
- وقف الحرب وتحقيق هدنة لوقف الأعمال القتالية وتدفق الدم.
- رفض التهجير والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في العيش في أرضه.
- تقديم المساعدات والإغاثة للقطاع لتحسين الأوضاع الإنسانية.
- التركيز على مسار سياسي يهدف إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.
رفض أبو يوسف محاولات إسرائيل وشريكتها الأمريكية للتسويق حول فصل إدارة غزة بإدارة ذاتية أو عبر الأمم المتحدة، مؤكدًا أن ذلك يعتبر ضربًا للمشروع الوطني وللتمثيل الفلسطيني الموحد في الضفة وغزة والقدس.
وأشار إلى عدم استثناء حركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى من أي حلاً شاملاً في غزة، مؤكدًا أن منظمة التحرير تتحمل المسؤولية عن المشروع الفلسطيني برمته.
من جانبه، أكد تيسير نصر الله، القيادي في حركة فتح، أن الحركة تعد جزءًا من الحالة الوطنية العامة سواء في غزة أو الضفة. وأضاف أنها تتحمل عبء الأثر الوطني للحرب وتعاونها في حماية غزة. وأوضح أن جميع القوى في نفس الصف لمواجهة العدوان وهزيمة المشروع الصهيوني.
وفي تصريحاته للجزيرة نت، رأى نصر الله أن الحديث عن مستقبل غزة يأتي مبكرًا، مع التأكيد على أن الأولوية الآن هي وقف الحرب، وأن مستقبل الحكم في غزة يعتمد على إرادة الشعب الفلسطيني ومؤسساته ونتائج الانتخابات.
حماس معادلة صعبة
أظهرت حركة حماس، من خلال تصريحات حسين أبو كويك، أحد قيادييها في الضفة، حدة التوجهات والانتقادات تجاه السلطة، حيث اتهمها بالتقصير الذي وصل إلى مرحلة الخذلان تجاه المقاومة في غزة، واتهمها بالتماهي مع الموقف الغربي الذي لا يتناسب مع تضحيات غزة ومقاومتها.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أبو كويك أن حماس تطالب السلطة بتغيير خياراتها، وأن تعلن علنًا أن “حماس ليست داعش”، بل هي جزء لا يتجزأ من الشعب، وهدفها كحركة تحرر وطني هو دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس.
وأشار إلى أن حماس أصبحت “معادلة صعبة” تعبر عن تطلعات عديدة نحو التحرر، ولن تقبل بتجاوزها في أي رؤى سياسية مستقبلية، مؤكدًا أن الحركة ترسل رسالة واضحة لحركة فتح وقيادتها بضرورة الحفاظ على تاريخها النضالي والوقوف بوجه كل من يحارب المقاومة ويسعى لإيجاد بدائل هشة.
عضو القيادة السياسية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ماجدة المصري، أكدت أنهم، منذ بداية الحرب، قاموا بدعوة لتشكيل “جبهة وطنية وقيادة موحدة” تضم جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي.
وفي مقابلتها مع الجزيرة نت، أضافت المصري: “قدمنا رؤية سياسية يتعين على منظمة التحرير، من خلال مسؤوليتها الوطنية، حماية شعبنا ومقاومته، ورفضنا التفرد بحماس وتسميتها بالإرهاب، مؤكدة أن الخيارات التي تستثني حماس والمقاومة تعتبر مرفوضة على الصعيدين الوطني والشعبي، ولن تحقق النجاح.”
من جهته، أكد القيادي السياسي في الجبهة الشعبية، زاهر الششتري، أهمية عملية “طوفان الأقصى” وأن ما قبلها يختلف تمامًا عن ما بعدها. وأعرب عن رفضهم لأي إجراءات سياسية تتم خلف الكواليس بهدف تمكين فريق أوسلو من السيطرة على غزة، مشددًا على أن الخيار الوحيد هو الحوار الوطني الشامل الذي يؤدي إلى شراكة حقيقية لإعادة بناء منظمة التحرير على أسس كفاحية وديمقراطية، دون السماح بالهيمنة على صنع القرارات.