انتقادات حادة لحفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 بسبب عرض مثير للجدل
انتقد مثقفون ورجال دين وسياسيون بشدة منظمي حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس، على خلفية إقامة عرض “دراغ كوين” (رجل يرتدي ملابس نسائية ويضع مكياجا) يتضمن تجسيدًا ساخرًا للوحة “العشاء الأخير” التي يُعتقد أنها تصور النبي عيسى (عليه السلام) وتلاميذه.
حفل افتتاح باريس 2024
أُقيم حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024” مساء الجمعة، ويمتد حتى 11 أغسطس/آب المقبل، بحفل مبهر على ضفاف نهر السين، وسط حضور غفير من الضيوف ووفود الدول المشاركة والجماهير. وعلى خلاف الدورات السابقة، دخلت الوفود المشاركة في الأولمبياد وهي تلوح بالأعلام على متن قوارب عبرت نهر السين، بمشاركة رياضيين من 205 دول على 85 قاربًا. تزامن ذلك مع تقديم عروض فنية مميزة على النهر، شارك فيها 6800 رياضي أمام معالم تاريخية في العاصمة الفرنسية.
العرض المثير للجدل
تعرض بعض العروض خلال الحفل لانتقادات حادة، حيث اعتبر البعض أنها تتضمن ترويجًا للشذوذ، وخاصة العرض التمثيلي للوحة “العشاء الأخير” لليوناردو دا فينتشي، عبر شخصيات متحولين جنسيا (دراغ كوين)، مما اعتبره النقاد إساءة متعمدة للمسيحية والأديان.
في مكان المسيح في اللوحة، ظهر رجل عار، قال نقاد إنه يمثل ديونيسوس، إله الخمر والاحتفالات في الأساطير الإغريقية القديمة، الذي عُرف بمواكبه وطقوسه الوثنية المتحررة من القيم الأخلاقية.
ردود الفعل الكاثوليكية واليمينية
نشرت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية بيانًا على منصة إكس (تويتر سابقًا) يعبر عن استيائها، جاء فيه: “للأسف، احتوى هذا الحفل على مشاهد تسخر من المسيحية، ونحن نقابل هذا الوضع بحزن عميق”. وشكر البيان أبناء الديانات الأخرى على تضامنهم مع المسيحيين، مشددًا على ضرورة احترام المعتقدات الدينية.
من جانبها، أعربت النائبة في البرلمان الأوروبي ماريون ماريشال عن استيائها قائلة: “إلى جميع المسيحيين في العالم الذين يشعرون بالإهانة من هذه المحاكاة الساخرة للعشاء الأخير خلال حفل افتتاح باريس 2024، اعلموا أن فرنسا ليست هي التي تتحدث، بل أقلية يسارية مستعدة لأي استفزاز”. وأكدت أن هذه الحادثة لا تمثلها وكتبت وسمًا يقول: “ليس باسمي”.
كما انتقدت النائبة لور لافاليت العرض في منشور عبر منصة إكس، مخاطبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلة: “السيد رئيس الجمهورية، نحن جميعا سعداء للغاية بدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، ولا أريد التحدث في السياسة هذا المساء. لكن هل حقا كان هذا ضروريا؟”.
وأعلن المحامي الفرنسي فابريس دي فيزيو أنه سيتقدم بشكوى رسمية ضد تجسيد لوحة “العشاء الأخير” من خلال عرض “دراغ كوين” خلال افتتاح دورة الألعاب الأولمبية.
دفاع عن العرض
دافع المدير الفني للحفل، توماس جولي، عن العرض قائلاً: “في فرنسا الناس أحرار في حب ما يشاؤون، أحرار في حب من يريدون، أحرار في الإيمان أو عدم الإيمان”.
انتقادات أوروبية ودولية
انتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الحفل قائلاً: “إنهم يتخلون تدريجياً عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة، مما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في المجتمع”. وأعلن أن القيم الغربية أصبحت غير مقبولة ومرفوضة بشكل متزايد من قبل العديد من دول العالم، مثل الصين والهند وتركيا والدول العربية.
انتقادات من كنيسة الروم الكاثوليك
ندد راعي كنيسة الروم الكاثوليك في رام الله، عبد الله يوليو، باستخدام المثليين في حفل افتتاح الأولمبياد، واعتبر ما حدث “خطير جداً”. وأكد أن “تمثيل السيد المسيح بهذه الطريقة انتهاك للقدوس والمقدسات”، محذرًا من أن هذا السلوك يستهدف القضاء على الدين.
وأضاف يوليو أن “الموضوع خطير جداً، واستخدام المثليين وغير المثليين هو عملية خطيرة لإفراغ الدين من محتواه ضمن عملية مدروسة وممنهجة من قوى مخفية في العالم تستهدف القضاء على الدين”.
الخاتمة
في حين أن فرنسا تعتز بتراثها الكاثوليكي، فإنها تعرف كذلك بتقليد طويل من العلمانية المتشددة ومعاداة رجال الدين. والتجديف ضد الدين في فرنسا ليس مشروعاً من الناحية القانونية فحسب، بل يعتبره فرنسيون كثيرون ركيزة أساسية لحرية التعبير في مجتمع ديمقراطي.