دراسة يابانية تكشف دور مكونات الطعام المحفزة للمناعة في منع نمو الأورام بالأمعاء الدقيقة
كشف فريق من الباحثين بقيادة هيروشي أونو من مركز ريكن لعلوم الطب التكاملي في اليابان عن اكتشاف علمي جديد يبرز دور مكونات الطعام المحفزة للجهاز المناعي، مثل بروتينات الحليب، في الحد من نمو الأورام في الأمعاء الدقيقة. وأظهرت التجارب كيف تعمل هذه البروتينات على تحفيز جهاز المناعة في الأمعاء، مما يسهم في منع ظهور الأورام بشكل فعال. تم نشر الدراسة في المجلة العلمية “فرونتيرز إميونولوجي” في 18 سبتمبر 2024.
مكونات الطعام المحفزة للجهاز المناعي
تعرف مكونات الطعام التي تحفز الجهاز المناعي باسم “المستضدات الغذائية”، وقد اشتهرت بكونها المسبب الرئيسي لردود الفعل التحسسية تجاه بعض الأطعمة مثل الفول السوداني والمحار، والبيض، والحليب. حتى في غياب هذه التفاعلات التحسسية، لا يزال جهاز المناعة يتعامل مع هذه المستضدات باعتبارها أجسامًا غريبة يجب التعرف عليها.
في دراسات سابقة، اكتشف أونو وفريقه أن المستضدات الغذائية تنشط الخلايا المناعية في الأمعاء الدقيقة، ولكن ليس في الأمعاء الغليظة. كما ثبت أن بعض الخلايا المناعية التي تنشطها بكتيريا الأمعاء تلعب دورًا في كبح الأورام في الأمعاء. في الدراسة الجديدة، جمع الباحثون بين هاتين الفكرتين واختبروا تأثير المستضدات الغذائية على الأورام في الأمعاء الدقيقة.
تجربة جديدة على الفئران
بدأ الفريق تجربته باستخدام نوع خاص من الفئران التي تحتوي على طفرة جينية تمنع تكوّن الأورام، مماثلة لتلك التي يعاني منها الأشخاص المصابون بداء السلائل الورمي الغدي العائلي، وهو اضطراب وراثي نادر يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
في التجربة الأولى، قام الباحثون بإطعام الفئران طعامًا عاديًا أو طعامًا خاليًا من المستضدات، ووجدوا أن الفئران التي تناولت الطعام العادي طورت أورامًا أقل في الأمعاء الدقيقة، مع الحفاظ على نفس عدد الأورام في الأمعاء الغليظة. بعد ذلك، أضاف الباحثون مستضدًا شائعًا مثل الألبومين (الموجود في اللحوم) إلى النظام الغذائي الخالي من المستضدات، مع الحفاظ على الكمية الإجمالية للبروتين. وكانت النتيجة أن الأورام في الأمعاء الدقيقة تم قمعها بنفس الطريقة كما في النظام الغذائي العادي، مما يشير إلى أن قمع الأورام كان مرتبطًا بوجود المستضدات وليس بالقيمة الغذائية للطعام أو أي مستضد معين.
تأثير الأنظمة الغذائية على الخلايا المناعية
أثرت الأنظمة الغذائية المختلفة على الخلايا المناعية في الأمعاء الدقيقة، تحديدًا الخلايا التائية. الفئران التي تناولت النظام الغذائي الخالي من المستضدات كانت تحتوي على عدد أقل بكثير من الخلايا التائية مقارنة بالفئران التي تناولت الطعام العادي أو النظام الغذائي الخالي من المستضدات مع الألبومين.
نتائج وتطبيقات علاجية
تشير هذه النتائج إلى إمكانيات علاجية مهمة، خصوصًا بالنسبة للمرضى الذين يتبعون أنظمة غذائية خالية من المستضدات مثل تلك المخصصة لمرضى داء كرون أو متلازمة القولون العصبي. رغم أن بعض الأشخاص قد يتبعون هذه الأنظمة الغذائية كطريقة لفقدان الوزن أو تقليل الانتفاخ والالتهابات، إلا أن النتائج الجديدة تشير إلى أنه قد يكون هناك خطر صحي مرتبط بذلك، ويجب استشارة الطبيب قبل اعتماد مثل هذه الأنظمة.
كما يوضح أونو أن الأورام في الأمعاء الدقيقة أقل شيوعًا من تلك التي تصيب القولون، لكنها تشكل خطرًا أكبر لدى مرضى داء السلائل الورمي الغدي العائلي، مما يستدعي توخي الحذر في استخدام الأنظمة الغذائية الخاصة في علاج أمراض الأمعاء الالتهابية أو الحالات المعوية الأخرى لدى هؤلاء المرضى.