الأخبار العالمية

من الاحتجاج إلى السلاح: تحول نشطاء الثورة السودانية في مواجهة مليشيا الدعم السريع

ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن نشطاء مؤيدين للديمقراطية، كانوا في السابق معارضين لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير ثم لقيادة الجنرالات الذين خلفوه، قرروا الانضمام إلى صفوف الجيش السوداني لمواجهة مليشيا الدعم السريع.

التحول من التظاهر إلى القتال

في تقرير أعده الصحفي إليوت براشيه، استعرضت الصحيفة قصة كمال الدين النور، وهو شاب كان يجلس على سطح أحد المباني في الخرطوم بحري، متأملاً أعمدة الدخان المتصاعدة جراء القتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع. النور، الذي نشأ في هذه المنطقة، كان قبل ثلاث سنوات ضمن مجموعة “غاضبون”، التي شاركت في المظاهرات المناهضة لما وصفوه بـ”الانقلاب” الذي نفذه الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في أكتوبر/تشرين الأول 2021 للإطاحة بالحكومة المدنية.

تحول الأولويات

اليوم، تحول أعضاء “غاضبون” إلى صفوف الجيش، وارتدوا الزي العسكري حاملين الأسلحة للدفاع عن السودان. يقول النور: “نحن في حرب وجودية تهدد وحدة السودان ومجتمعه. الحرب بالنسبة لنا هي امتداد للثورة، ونحن ندافع عن وطننا وشعبنا في المظاهرات كما في المعركة.”

وقد أشارت الصحيفة إلى أن العديد من أعضاء “غاضبون” تعرضوا للاعتقال والتعذيب، بينما قتل البعض خلال قمع الاحتجاجات. النور نفسه أصيب برصاصة قناص خلال تلك الفترة. اليوم، يرى النور أن القتال إلى جانب الجيش، رغم تناقضاته الظاهرية، بات ضرورة: “الخطر الأكبر الآن هو المليشيات شبه العسكرية.”

تفضيل الجيش كـ”أهون الشرين”

أوضحت الصحيفة أن تجاوزات قوات الدعم السريع دفعت المزيد من السودانيين إلى اعتبار الجيش خياراً أقل سوءاً. أحد أعضاء “غاضبون”، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، روى كيف تعرض للسجن على يد قوات الدعم السريع، وشهد نهباً واغتصاباً، مما دفعه للانضمام إلى الجيش لتحرير حي أمبدة من سيطرة هذه القوات.

استمرار النضال

على الرغم من التحاقهم بالجيش، لا يزال هؤلاء الشباب متمسكين بمطالبهم السابقة. يقول محمد عبد الرحيم (تيوا): “مطالبنا لم تتغير. بمجرد انتهاء الحرب، سنعود للمطالبة بحكومة مدنية. معركتنا مع الجيش مؤجلة.” ومع ذلك، تعرضوا لانتقادات من قبل بعض الحركات الثورية، التي رأت في دعم الجيش مخاطرة كبيرة أو خيانة للمبادئ السلمية للانتفاضة.

الأفق السياسي

أشارت الصحيفة إلى انقسام القوى السياسية التي كانت ضمن الحكومة الانتقالية، حيث انضم معظم أعضائها إلى تحالف “تقدم” بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي يسعى إلى حل تفاوضي للصراع. غير أن هذا التحالف فقد ثقة السكان بعد توقيعه مذكرة تفاهم مع قوات الدعم السريع.

تداعيات الحرب

ترى الباحثة السودانية رجاء مكاوي أن الحرب ستؤدي إلى إعادة تشكيل النخبة الحاكمة في السودان، حيث سيبرز المسلحون كأصحاب الشرعية المستقبلية. وتشير إلى أنه “في ظل غياب أفق واضح لإنهاء الصراع، يبدو أن حمل السلاح بات الطريقة الوحيدة للبقاء.”

مستقبل الحكم

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، صرح الجنرال البرهان أن الجيش مستعد لإعادة السلطة للمدنيين بمجرد انتهاء الحرب. لكن لوموند ترى أن النصر لا يزال بعيداً، مع غياب أي مؤشرات على نية المؤسسة العسكرية التخلي عن السلطة التي تحتفظ بها منذ استقلال البلاد عام 1956.

زر الذهاب إلى الأعلى