ترامب وإيران: استراتيجيات الاحتواء والتفاوض في ظل التوترات المتزايدة


يبدو أن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تجاه إيران ستعتمد على نهجه في فترته الرئاسية الأولى، وكذلك على شعارات حملته الانتخابية، حيث يتجه نحو استراتيجية الاحتواء مع تكثيف الضغوط. ومع ذلك، يظل هناك غموض بشأن الوسطاء الذين سيختارهم ضمن الفريق الإداري الكبير.
يعتقد عدد من النخب والمراكز البحثية داخل إيران وخارجها أن المواجهة بين طهران وواشنطن لم تعد تقتصر على مبدأ “لا حرب ولا تفاوض”. بدلاً من ذلك، يبرز خيار التوصل إلى اتفاق مشرف وعقلاني بين البلدين كبديل أقل تكلفة لإدارة التوتر القائم بينهما.
وقد نشر مركز الجزيرة للأبحاث ورقة تحليلية بعنوان “إيران والولايات المتحدة في ظل عودة ترامب: صراع أم مصالحة؟”، تناول فيها السفير السابق والمدير بوزارة الخارجية الإيرانية، مجتبى فردوسي بور، تأثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض على مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن، في ظل التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة.
ويعتمد القادة الأميركيون من كلا الحزبين على مجموعة من المبادئ في السياسة الخارجية تجاه إيران، أبرزها مبدأ المصالحة (Detente) الذي تبنته الولايات المتحدة خلال أزمة “إيران-كونترا” (1985-1987) أو في قضية ماكفارلين، عندما باع الرئيس رونالد ريغان أسلحة أميركية لإيران سراً مقابل إطلاق سراح رهائن أميركيين في لبنان. ويليه مبدأ الاتفاق (Compromise) الذي تجسد في توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ثم مبدأ الاحتواء (Containment) الذي كان سياسة مزدوجة لاحتواء إيران والعراق باعتبارهما أبرز الدول المعادية لإسرائيل عام 1993. وأخيراً، مبدأ التغيير (Change) الذي ينطوي على تغيير النظام الإيراني عبر التدخل العسكري أو فرض العقوبات الاقتصادية.
بالنظر إلى هذه المبادئ، يمكن التنبؤ باتجاه سياسة ترامب المقبلة، التي من المرجح أن تكون موجهة نحو استراتيجية الاحتواء مع ممارسة أقصى درجات الضغط، استناداً إلى سياساته في الدورة الأولى وشعارات حملته. ولكنه يواجه تحديات في تحديد الوسطاء الذين سيعينهم ضمن فريقه الإداري.
نهج ترامب قد لا يحل المشكلة بشكل جذري، بل يركز على تقليل التكاليف، وهو مشابه للنهج الذي اتبعته الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية عام 2016. إذ لم تُحل أزمة الكوريتين كما كان متوقعاً، ولا أزمة غزة ولبنان وأوكرانيا. فهو نهج يركز على إزالة صفة “المشكلة” ويدور حول مبدأ “أميركا أولاً”.
من جهة أخرى، يمكن تلخيص الاستراتيجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة بأنها براغماتية، تعتمد على موافقة القيادة الإيرانية، وتعمل على تحويل الردع العسكري إلى ردع سياسي، ما يفتح المجال أمام مفاوضات غير مباشرة أو جماعية مع واشنطن. وكل ذلك مرتبط بتقليص تأثير العقوبات الاقتصادية على إيران وتعزيز موقعها الجيوسياسي واستعادة قوتها الردعية النووية.
تشير الأدلة إلى أن ترامب قد يلجأ إلى السعودية أو اليابان للتوسط بين طهران وواشنطن، في حين تبدو إيران مستعدة لوضع خيار المفاوضات المباشرة على جدول أعمال دبلوماسيتها الرسمية.