مدن وبلدان

أين تقع مدينة كومبي صالح؟

صورة تقريببة للمدينة التاربخية

مدينة كومبي صالح، الواقعة في الجنوب الشرقي لموريتانيا على بُعد حوالي 60 كيلومترًا جنوب مدينة تمبدغة في ولاية الحوض الشرقي، تُعتبر من أبرز المدن التاريخية في غرب إفريقيا. تأسست في القرن الثالث الميلادي على يد قبائل الماندية الوثنية، وسيطرت على طرق القوافل التجارية بين كومبي صالح ومدن مثل أوداغست وتمبكتو.

في القرن السابع الميلادي، برزت إمبراطورية غانا كقوة مهيمنة في المنطقة، واتخذت من كومبي صالح عاصمة لها. بلغت المدينة ذروة ازدهارها في القرن الحادي عشر الميلادي، حيث وصل عدد سكانها إلى حوالي 30 ألف نسمة، مما جعلها من أكبر المدن في إفريقيا آنذاك. كانت المدينة مركزًا تجاريًا مهمًا، حيث كانت تمر بها القوافل المحملة بالذهب والملح والعبيد والحرير، مما أسهم في تعزيز الروابط بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى.

تتألف المدينة من قسمين:

  • الجزء الشمالي: اشتهر بوجود 12 مسجدًا، مما يدل على انتشار الإسلام في تلك الفترة.
  • الجزء الجنوبي: كان يضم القصر الملكي، محاطًا بالتجمعات السكنية.

هذا التقسيم يعكس التنوع الديني والثقافي في المدينة، حيث كان المسلمون يسكنون في حي “صالح”، بينما كان الوثنيون يقيمون في حي “كومبي”.

في مطلع عام 1070م، زحفت جيوش دولة المرابطين على المدينة، مما ألحق بها أضرارًا جسيمة، وحل المرابطون محل السكان الأصليين. مع مرور الوقت، بدأت المدينة تفقد أهميتها بسبب عوامل عدة، منها الجفاف، وزحف الرمال، وتحول طرق التجارة إلى مدن أخرى، مما أدى إلى هجرانها تدريجيًا. بحلول القرن الخامس عشر الميلادي، أصبحت كومبي صالح مدينة مهجورة.

اليوم، تُعتبر آثار كومبي صالح شاهدًا على تاريخها العريق، حيث يمكن رؤية بقايا المساجد والقصر الملكي والتجمعات السكنية. على الرغم من أهميتها التاريخية، تعاني المدينة من الإهمال، مما يهدد باندثار هذا الإرث الثقافي. تُجرى بين الحين والآخر حفريات أثرية للكشف عن المزيد من أسرار هذه المدينة، وكانت أولى هذه الحفريات في عام 1914م.

تُعد كومبي صالح رمزًا للتاريخ الموريتاني والإفريقي، حيث لعبت دورًا محوريًا في التجارة ونشر الثقافة والدين في غرب إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى