مافيا “باي بال”: كيف خرج عمالقة التكنولوجيا من عباءة شركة مدفوعات رقمية؟
في عام 2007، وبعد مرور أكثر من تسع سنوات على انطلاق شركة “باي بال” الرائدة في مجال المدفوعات الرقمية ونجاحها الساحق، نشرت صحيفة “فورشن” تقريرًا عن الشركة وفريقها المؤسس، حيث وصفت مجموعة من العاملين السابقين فيها بـ”مافيا باي بال”.
أسماء لامعة انطلقت من “باي بال”
ضمّت هذه المجموعة نخبة من روّاد الأعمال الذين كانوا مجهولين آنذاك، لكنهم أصبحوا اليوم من أبرز الأسماء في عالم التكنولوجيا. يتصدر القائمة إيلون ماسك، أحد أثرى رجال العالم ومالك العديد من الشركات التقنية الكبرى، يليه بيتر ثيل، الشريك المؤسس لـ”باي بال” و”بالانتير”، والذي تُقدّر ثروته بأكثر من 14 مليار دولار. كما تضم القائمة ريد هوفمان، مؤسس “لينكد إن” وصاحب ثروة تبلغ 2.6 مليار دولار، إلى جانب العديد من الشخصيات الأخرى التي أصبحت اليوم من رموز قطاع التكنولوجيا.
ورغم تفكّك هذه المجموعة منذ سنوات، إلا أن أعضاؤها ما زالوا مرتبطين باسم “مافيا باي بال”، حيث استمروا في دعم بعضهم البعض من خلال الاستثمارات والشراكات في كبرى الشركات التقنية.
أعضاء مافيا “باي بال” وأين أصبحوا اليوم؟
بيتر ثيل: المؤسس المشارك لـ”باي بال” وصاحب بصمة في فيسبوك
في عام 1999، أسّس بيتر ثيل، بالتعاون مع ماكس ليفشين ولوك نوسيك، شركة “كونفينيتي”، التي تحوّلت لاحقًا إلى “باي بال”. رغم أن “كونفينيتي” بدأت كشركة متخصصة في الأمن السيبراني، فإنها سرعان ما تحوّلت إلى واحدة من أنجح شركات المدفوعات الرقمية في العالم.
شغل ثيل منصب الرئيس التنفيذي لـ”باي بال” حتى أكتوبر 2002، عندما استحوذت “إي باي” على الشركة مقابل 1.5 مليار دولار، ليحصل ثيل على 55 مليون دولار من الصفقة. بعد ذلك، أسّس شركة تحليل البيانات “بالانتير”، التي تعمل مع الحكومة الأميركية ووزارة الدفاع (البنتاغون) وتبلغ قيمتها اليوم 163 مليار دولار.
في عام 2005، أطلق صندوق التمويل “فاوندرز”، الذي كان وراء دعم شركات عملاقة مثل “آير بي إن بي” و”سبيس إكس”. كما كان أول مستثمر خارجي في “فيسبوك”، حيث حصل على 10.2% من أسهمها مقابل 500 ألف دولار فقط، حينما كانت قيمتها لا تتجاوز 4.9 ملايين دولار. واليوم، تبلغ القيمة السوقية لـ”ميتا” أكثر من 562 مليار دولار.
ماكس ليفشين: العقل التقني وراء “باي بال” ومبتكر تقنية مكافحة الاحتيال
قد لا يكون ماكس ليفشين اسمًا متداولًا كغيره من أعضاء “مافيا باي بال”، لكنه كان مسؤولًا عن تطوير أنظمة الحماية ومكافحة الاحتيال التي ساهمت في نجاح الشركة. كما ابتكر بالتعاون مع ديفيد جوسيبك اختبار “جوسيبك-ليفيشين”، الذي يُعدّ نواة لاختبارات “كابتشا” المستخدمة اليوم.
بعد استحواذ “إي باي” على “باي بال”، أسّس ليفشين منصة “سلايد” لمشاركة المحتوى المرئي، والتي استحوذت عليها لاحقًا “غوغل”. كما استثمر في “يلب”، ويشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لشركة “أفيرم”، المتخصصة في التمويل الاستهلاكي وخدمة “اشتر الآن وادفع لاحقًا”.
إيلون ماسك: الرجل الذي حوّل التكنولوجيا إلى إمبراطورية
انضم إيلون ماسك إلى “باي بال” عندما اندمجت شركته “إكس. كوم” مع “كونفينيتي” عام 2000، لكنه لم يستمر طويلًا، إذ أُقصي من منصب الرئيس التنفيذي لاحقًا. رغم ذلك، كان أكبر مساهم في الشركة، ما جعله يحصل على 165 مليون دولار بعد استحواذ “إي باي” عليها.
بعد مغادرته “باي بال”، أسّس ماسك شركات أحدثت ثورة في مجالات متعددة، من بينها “تسلا” و”سبيس إكس”، كما استحوذ على منصة “تويتر” وأعاد تسميتها إلى “إكس”. يُعرف ماسك أيضًا بدعمه للسياسات المحافظة في الولايات المتحدة وارتباطه بالحملات الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب.
ريد هوفمان: مهندس الشبكات الاجتماعية وأحد كبار مستثمري وادي السيليكون
كان ريد هوفمان عضوًا في مجلس إدارة “باي بال”، وبعد استحواذ “إي باي” على الشركة، أسّس “لينكد إن”، التي استحوذت عليها “مايكروسوفت” لاحقًا مقابل 26 مليار دولار. يُعتبر هوفمان أحد أهم المستثمرين في وادي السيليكون، حيث استثمر في “فيسبوك” و”فليكر” و”كير. كوم”.
كما يشغل منصبًا في مجلس إدارة “مايكروسوفت”، وله إسهامات في مجال ريادة الأعمال من خلال كتبه وبودكاست “ماسترز أوف سكيل”، الذي يستضيف فيه شخصيات بارزة لمناقشة قصص نجاحهم.
لوك نوسيك: المستثمر الذي راهن على “سبيس إكس”
شارك لوك نوسيك في تأسيس “باي بال”، حيث شغل منصب رئيس قسم التسويق. في عام 2005، انضم إلى صندوق الاستثمار “فاوندرز” مع بيتر ثيل وكين هويري، ثم أسّس شركته الخاصة “غيغافاوند”، التي كانت من أوائل المستثمرين في “سبيس إكس”، ما جعله عضوًا في مجلس إدارتها. كما ساهم في منصة “ريسيرش غيت”، التي تتيح للعلماء تبادل الأبحاث العلمية ومراجعتها.
رويلوف بوثا: الشريك الاستثماري في كبرى شركات التكنولوجيا
كان رويلوف بوثا نائب الرئيس المالي لـ”باي بال”، وبعد بيع الشركة، أصبح شريكًا في صندوق الاستثمار “سيكويا كابيتال”، الذي ساهم في تمويل عمالقة التكنولوجيا مثل “آبل”، “غوغل”، “يوتيوب”، و”إنستغرام”. كما شغل مناصب إدارية في العديد من الشركات التقنية، بما في ذلك “تمبلر” و”ويبلي”.
ديفيد ساكس: من قطاع التكنولوجيا إلى هوليوود
لم يكن ديفيد ساكس من مؤسسي “باي بال”، لكنه كان جزءًا من مجلس إدارتها. بعد استحواذ “إي باي”، خاض تجربة مختلفة، حيث موّل وأنتج فيلم “ثانك يو فور سموكينغ”، الذي رشّح لجوائز “غولدن غلوب”. لاحقًا، أسّس منصة “جيني. كوم” لتتبع الأنساب، كما استثمر في شركات مثل “إير بي إن بي” و”سلاك”.
لماذا أنتجت “باي بال” كل هؤلاء الناجحين؟
يُنظر إلى “باي بال” على أنها مصنع للمواهب في وادي السيليكون، حيث أنشأت بيئة تنافسية جمعت ألمع العقول، ما جعل خريجيها يتحوّلون إلى روّاد أعمال ومستثمرين في كبرى الشركات التقنية. كما أن أعضاؤها استمروا في دعم بعضهم البعض من خلال الاستثمارات المتبادلة، ما عزّز نفوذهم في مجال التكنولوجيا والتمويل.