مقال للمدير أحمد خطري ردا على مقال لداود أحمد عيشه: آن الأوان لنترك كل ما يفرقنا/ بتصرف في الصياغة


1. التعددية الاجتماعية في موريتانيا: تنوع أم انقسام؟
يتميز المجتمع الموريتاني بتركيبة اجتماعية معقدة تنقسم إلى طبقتين رئيسيتين: البيظان ولكور. رغم أن البيظان يشكلون الأغلبية، إلا أن هذا المجتمع ذاته يعاني من تقسيم داخلي إلى أربع فئات اجتماعية رئيسية:
- البيظان الأحرار الذين لم يعانوا من الرق، وهم الأكثرية.
- لحراطين، الذين عانوا من العبودية سابقًا ويسعون اليوم إلى تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
- لمعلمين، وهم الحرفيون وأصحاب المهارات التقنية.
- إيكاون، وهم الفنانون والموسيقيون.
أما لكور، فهم أيضًا مقسمون إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
- البولار
- السونكي
- الوولف
ورغم أن هذا التنوع يعكس ثراءً ثقافيًا واجتماعيًا، إلا أنه في الوقت نفسه يشكل تحديًا كبيرًا أمام الوحدة الوطنية، حيث ما زالت بعض هذه الفئات تعاني من التهميش والتمييز، مما يعيق التنمية المستدامة ويهدد استقرار الدولة.
2. مخاطر الانقسامات الطبقية على الدولة والمجتمع
إن استمرار هذه التصنيفات الاجتماعية لا يؤثر فقط على التماسك الاجتماعي، بل يعوق بناء الدولة الحديثة القائمة على العدل والمساواة. هذه الفوارق تشكل جرحًا في العقيدة الإسلامية، التي تدعو إلى المساواة بين الناس، كما أنها تخلق بيئة خصبة للصراعات الداخلية، والتي قد تتفاقم إلى نزاعات حادة تهدد السلم الأهلي.
إن غياب العدالة الاجتماعية وإقصاء بعض الفئات من المشاركة الفعالة في المجتمع يجعلان من الصعب تحقيق تنمية حقيقية. فكيف يمكن لدولة تسعى إلى التقدم أن تنهض إذا كان بعض أبنائها لا يزالون يعانون من الظلم الاجتماعي؟
3. وحدة المجتمع: ضرورة لبناء الدولة وتأمين المستقبل
في ظل التحديات الإقليمية والدولية، موريتانيا بحاجة إلى جميع أبنائها دون استثناء. نحن نعيش في منطقة مضطربة تواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة، ومع ذلك، لا يزال مجتمعنا منشغلًا بصراعات داخلية مبنية على اعتبارات طبقية لا تخدم أي طرف.
بلادنا غنية بالموارد التي تفوق حاجات سكانها، لكنها لن تحقق الازدهار إلا إذا اجتمعنا يدًا بيد في معركة البناء والتنمية. فالانقسامات الداخلية لا تعزز إلا التخلف والتبعية، في حين أن الوحدة الوطنية هي المفتاح الحقيقي لتقدمنا.
إننا أمام لحظة تاريخية فارقة: إما أن نتحد لبناء مستقبل مشرق لموريتانيا، أو نبقى غارقين في خلافات تعود بنا إلى الوراء. إن الحوادث الأمنية الأخيرة، مثل محاولة اغتيال مسؤول حكومي، تذكّرنا بأن الأمن والاستقرار يجب أن يكونا على رأس أولوياتنا.
4. لماذا يجب علينا تجاوز الخلافات الطبقية؟
بالمقارنة مع دول الجوار، نحن شعب قليل العدد، مما يجعل تفرقنا أكثر خطورة على مستقبلنا. فكيف يمكننا بناء دولة قوية إذا كنا ممزقين بسبب طبقية بائدة لا تتماشى مع مبادئ الإسلام ولا مع متطلبات العصر؟
آن الأوان لنضع موريتانيا فوق كل اعتبار، وأن نعمل معًا على ترسيخ مبادئ العدل والمساواة، حتى نتمكن من تحقيق نهضة حقيقية. فالتاريخ أثبت أن الأمم التي تتوحد تحقق المجد، بينما تظل الأمم المنقسمة عرضة للأخطار الداخلية والخارجية.
5. رسالة إلى أبناء موريتانيا: فلننهِ الانقسامات ونبني مستقبلًا مشرقًا
لا يمكن لموريتانيا أن تنهض إلا إذا تخلصنا من رواسب الماضي التي تعيق تقدمنا. علينا أن نُسقط الحواجز الطبقية، وأن نؤسس مجتمعًا قائمًا على العدالة، المساواة، والعمل المشترك.
إن مستقبل موريتانيا في أيدينا، وإذا بقينا أسرى لتقسيمات قديمة، فلن نتمكن من مواجهة التحديات الكبرى التي تنتظرنا. فلنعمل معًا من أجل وطن يسع الجميع، حيث يكون المعيار الوحيد للتميز هو العلم والعمل والإخلاص للوطن.
موريتانيا وطن للجميع، فلنبنِه معًا!