خسائر ضخمة للمليارديرات بسبب صعود “ديب سيك”: تراجع ثروات عمالقة الذكاء الاصطناعي

تكبّد أغنى 500 شخص في العالم، وعلى رأسهم جينسن هوانغ، المؤسس المشارك لشركة إنفيديا، خسائر مالية ضخمة بلغت 108 مليارات دولار خلال يوم واحد، الاثنين الماضي. جاء ذلك نتيجة عمليات بيع مكثفة لأسهم شركات التكنولوجيا، التي تأثرت بظهور التطبيق الصيني الجديد “ديب سيك”، المنافس في مجال الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تراجع مؤشرات الأسهم الرئيسية، وفقًا لوكالة بلومبيرغ.
المليارديرات الأكثر تضررًا
تضررت ثروات المليارديرات المرتبطين بمجال الذكاء الاصطناعي بشكل خاص، حيث تكبّدوا أكبر الخسائر:
- جينسن هوانغ: فقد 20.1 مليار دولار، ما يعادل انخفاضًا بنسبة 20% في ثروته.
- لاري إليسون (المؤسس المشارك لمجموعة “أوراكل غروب”): خسر 22.6 مليار دولار، ما يمثل تراجعًا بنسبة 12% من ثروته.
- مايكل ديل (مؤسس شركة “ديل”): فقد 13 مليار دولار.
- تشانغ بينغ تشاو (المؤسس المشارك لشركة “بينانس”): خسر 12.1 مليار دولار.
إجمالًا، خسرت كبرى شركات التكنولوجيا مجتمعة نحو 94 مليار دولار، فيما تراجع مؤشر ناسداك بنسبة 3.1%، وهبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.5%.
صعود “ديب سيك” وتأثيره على السوق
تأسست شركة “ديب سيك”، ومقرها هانغتشو، عام 2023، لكنها لفتت أنظار المستثمرين الغربيين هذا الأسبوع بعد أن تصدر تطبيق الدردشة المجاني “ديب سيك آر 1” (DeepSeek R1) قائمة التنزيلات عالميًا. أدى هذا الارتفاع السريع في شعبيته إلى انقطاعات في الخدمة بسبب زيادة عدد المستخدمين، ما اضطر الشركة إلى تقييد تسجيل المستخدمين في الصين.
وفقًا لبلومبيرغ، يُشكل نجاح “ديب سيك”، الذي كلف تطويره 5.6 ملايين دولار فقط، تحديًا للنموذج السائد في وادي السيليكون، حيث يتم تخصيص استثمارات رأسمالية ضخمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تحوّل في ديناميكيات الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
اعتمدت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل ميتا، ألفابيت (جوجل)، ومايكروسوفت على استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، مما ساهم في تحقيق مكاسب ضخمة لثروات مؤسسيها. أعلن مارك زوكربيرغ مؤخرًا أن “ميتا” تخطط لإنفاق ما بين 60 و65 مليار دولار على مشاريع الذكاء الاصطناعي هذا العام، وهو رقم يفوق توقعات المستثمرين في وول ستريت.
إعادة تقييم استراتيجيات الإنفاق
أظهرت تقارير بلومبيرغ أن إجمالي الإنفاق الرأسمالي لجميع شركات التكنولوجيا الكبرى قد يصل إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2025. ومع ذلك، وعلى الرغم من الإيرادات المحدودة حتى الآن، حظيت أسهم التكنولوجيا الأميركية بتقييمات مرتفعة تاريخيًا، مما أدى إلى تضخم ثروات مؤسسيها بشكل غير مسبوق.
- جينسن هوانغ: زادت ثروته 8 أضعاف لتصل إلى 121 مليار دولار منذ بداية 2023 وحتى الأسبوع الماضي.
- مارك زوكربيرغ: ارتفعت ثروته بنسبة 385% لتصل إلى 229 مليار دولار.
- جيف بيزوس: قفزت ثروته بنسبة 133% لتصل إلى 254 مليار دولار.
هل يُغيّر “ديب سيك” قواعد اللعبة؟
نجاح “ديب سيك” في تطوير نموذج مجاني ينافس تطبيقات كبرى مثل ChatGPT وClaude، بكلفة منخفضة نسبيًا، أثار تساؤلات حول الحاجة الفعلية إلى الإنفاق الرأسمالي الضخم الذي تتبناه شركات وادي السيليكون.
ويرى خبراء أن السبب وراء قدرة “ديب سيك” على تحقيق هذا النجاح دون استثمارات ضخمة في الرقائق المتطورة يعود إلى القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على تصدير وحدات المعالجة الرسومية (GPUs) المتقدمة للصين. ومع ذلك، يشير محللون إلى أن الشركات الصينية ربما تمتلك وحدات معالجة متطورة أكثر مما هو متوقع.
في مقابلة حديثة مع CNBC، قال ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “سكال إيه آي”، إن “المختبرات الصينية تمتلك عددًا من وحدات معالجة الرسومات H100 أكثر مما يُعتقد، وقد يكون لدى ديب سيك وحدها حوالي 50 ألف وحدة H100”، وهو ما يشير إلى إمكانية استمرار الصين في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي رغم القيود الأميركية.
ختامًا
يشير التطور السريع لـ”ديب سيك” إلى تغير محتمل في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي، حيث لم يعد النجاح مرهونًا فقط بميزانيات ضخمة واستثمارات هائلة. وفي ظل التحديات التي يفرضها هذا التغير، قد تضطر كبرى شركات التكنولوجيا إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها للحفاظ على ريادتها في هذا المجال.