التوتر الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة يتصاعد إلى مرحلة جديدة

تشهد العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة تصعيدًا جديدًا بعد أن ردّت بكين بقوة على قرار واشنطن فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الصادرات الصينية. في خطوة انتقامية، أعلنت الصين عن سلسلة من التدابير تشمل تحقيقات لمكافحة الاحتكار، وفرض رسوم على واردات أميركية، وتشديد قيود التصدير على معادن حيوية.
تصعيد متبادل وإجراءات مضادة
جاء رد الصين على الرسوم التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر عدة إجراءات تستهدف الشركات الأميركية الكبرى والقطاعات الحيوية، من أبرزها:
- تحقيقات مكافحة الاحتكار ضد “غوغل”: أعلنت بكين فتح تحقيق لمكافحة الاحتكار يستهدف شركة “غوغل”، مما قد يؤدي إلى فرض قيود على عملياتها داخل الصين، وهو ما يُعدّ ضربة كبيرة لواحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم.
- إدراج شركات أميركية في “القائمة السوداء”: شملت القائمة شركتي “إلومينا” المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية و”بي في إتش” المالكة لعلامات تجارية عالمية مثل كالفن كلاين وتومي هيلفيغر، مما يفرض قيودًا على استثماراتهما وتعاملاتهما مع الشركات الصينية.
- تشديد قيود تصدير المعادن النادرة: أعلنت بكين فرض قيود على تصدير الموليبدينوم والتنغستن، وهما عنصران أساسيان في صناعات الإلكترونيات والدفاع والمعدات الصناعية، مما يمنح الصين ورقة ضغط قوية.
- فرض رسوم جمركية على السلع الأميركية: اعتبارًا من 10 فبراير، ستفرض الصين رسومًا بنسبة 15% على الفحم الأميركي والغاز الطبيعي المسال، و10% على النفط الخام، والمعدات الزراعية، والشاحنات، والسيارات الكبيرة.
الآثار المحتملة على الاقتصاد الأميركي
بينما قد لا تؤدي بعض هذه التدابير إلى أضرار مباشرة كبيرة، فإنها توجه رسالة واضحة إلى واشنطن بأن الصين لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها.
ويرى محللون اقتصاديون أن قيود تصدير المعادن النادرة قد تكون من أكثر الإجراءات تأثيرًا، نظرًا لاعتماد الولايات المتحدة الكبير على هذه الموارد في صناعات التكنولوجيا والدفاع. كما تشير تقديرات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن الرسوم الأميركية الأخيرة قد تكلف الاقتصاد الأميركي أكثر من 100 مليار دولار بين عامي 2025 و2040، حتى دون رد فعل صيني إضافي.
تصعيد محتمل.. وترامب يتوعد بالمزيد
لم يتأخر ترامب في الرد، إذ صرّح خلال خطاب في البيت الأبيض بأن “إجراءات الصين لن تبقى دون رد، وقد نوسع نطاق الرسوم قريبًا”، ملمحًا إلى احتمال رفع التعريفات الجمركية إلى 25% أو فرض عقوبات جديدة على الشركات الصينية.
في المقابل، تسعى بكين إلى احتواء التصعيد دون التراجع، حيث يرى خبراء اقتصاديون أن إجراءاتها الأخيرة بمثابة “ضربة استباقية” تهدف إلى ردع واشنطن عن فرض مزيد من العقوبات.
هل يمتد الصراع التجاري إلى أوروبا؟
لا يقتصر الأمر على الصين، فقد يوجه ترامب أنظاره إلى الاتحاد الأوروبي، مهددًا بفرض “رسوم ضخمة” على الواردات الأوروبية، مبررًا ذلك بأن الفوائض التجارية للاتحاد مع الولايات المتحدة “غير عادلة”.
وردّت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالقول: “سندافع عن مصالحنا بكل الوسائل المتاحة، وسنرد بشكل مناسب إذا لزم الأمر”.
إلى أين تتجه الحرب التجارية؟
يبدو أن المواجهة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة قد دخلت مرحلة جديدة أكثر تعقيدًا، مما يثير تساؤلات حول المدى الذي قد تصل إليه هذه الحرب التجارية، وما إذا كانت ستتوسع لتشمل أطرافًا أخرى على الساحة الاقتصادية العالمية.