وول ستريت تفتتح على تراجع حاد وسط تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين

استهلت مؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات اليوم الجمعة بانخفاض حاد، امتدادًا للخسائر التي منيت بها في جلسة أمس، وسط مخاوف المستثمرين من تصاعد خطير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، عقب إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على معظم شركاء بلاده التجاريين.
مع افتتاح الجلسة، هوى مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 994.46 نقطة، ما يعادل 2.45%، ليصل إلى 39,551.47 نقطة، ليدخل بذلك رسميًا منطقة “التصحيح الفني” بعد أن فقد أكثر من 10% من ذروته الأخيرة.
كما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 134.05 نقطة (2.48%) مسجلًا 5,262.47 نقطة، في حين خسر مؤشر ناسداك المركب، الذي تقوده شركات التكنولوجيا الكبرى، نحو 473.16 نقطة (2.86%) ليصل إلى 16,077.44 نقطة.
ومع مرور الوقت، تفاقمت الخسائر بشكل أكبر. فبحلول الساعة 14:18 بتوقيت غرينتش، تراجع مؤشر ناسداك بأكثر من 4.01%، وسط موجة بيع عارمة اجتاحت الأسواق الأميركية، وفق بيانات البورصات اللحظية.
وفي ضوء هذه التحركات، سجل قطاع الطاقة في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” انخفاضًا بنسبة 5.8%، وهو أدنى مستوى له منذ يناير 2024، متأثرًا بالضغوط المتزايدة على أسعار النفط والأسهم المرتبطة به.
كما ارتفع مؤشر التقلب “VIX”، المعروف باسم “مؤشر الخوف” في وول ستريت، إلى أعلى مستوى له منذ أغسطس 2024، في إشارة إلى ارتفاع حاد في مستوى القلق لدى المستثمرين.
تأثير عالمي: الأسواق الأوروبية في مرمى التراجع
لم تكن الأسواق الأميركية وحدها المتأثرة، فقد تراجعت البورصات الأوروبية أيضًا بشكل حاد، حيث خسر مؤشر ستوكس 600 الأوروبي 5.3% بحلول الساعة 14:45 بتوقيت غرينتش، ليصل إلى أدنى مستوى له خلال جلسة اليوم، مما يعكس انتقال العدوى من وول ستريت إلى الأسواق العالمية، وسط تنامي المخاوف من ركود اقتصادي عالمي.
تصعيد جمركي متبادل يشعل التوترات
جاءت هذه الموجة الهبوطية عقب إعلان الصين فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على جميع الواردات الأميركية، بدءًا من العاشر من أبريل الجاري، ردًا على الجولة الأخيرة من الرسوم الأميركية التي أعلن عنها ترامب وشملت مجموعة واسعة من السلع الصينية.
وذكرت صحيفة نيويورك بوست أن تصاعد الحرب الجمركية أثار مخاوف جدية لدى المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي في ركود حاد إذا استمر التصعيد بين أكبر اقتصادين في العالم، مشيرة إلى التأثير السلبي المحتمل على سلاسل الإمداد العالمية والتجارة الدولية.
قطاع التكنولوجيا والتجزئة يقود الخسائر
سجلت كبرى الشركات الأميركية، خصوصًا تلك ذات الانكشاف الواسع على السوق الصينية، خسائر فادحة خلال التداولات. فقد تراجعت أسهم آبل بأكثر من 9%، في حين هبطت أسهم نايكي بنسبة تجاوزت 14%، متأثرة بمخاوف اضطراب سلاسل التوريد وتراجع الطلب الخارجي.
وامتدت موجة البيع لتشمل مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع المالي والصناعي والاستهلاكي، في مؤشر على حجم القلق المتنامي في الأسواق.
ترامب: “سياساتي لن تتغير… الآن هو وقت الثراء”
في خضم هذه التقلبات، خرج الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ليدافع عن سياساته التجارية في منشور على منصته “تروث سوشيال”، قائلًا:
“إلى المستثمرين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة ويضخون الأموال: سياساتي لن تتغير أبدًا. هذا وقت رائع لتصبح غنيًا، أغنى من أي وقت مضى!”
تحذيرات اقتصادية وترقب لموقف الفدرالي
من جهتهم، حذر خبراء اقتصاد من تداعيات التصعيد، حيث قدرت مؤسسة جي بي مورغان تشيس احتمال دخول الاقتصاد الأميركي في ركود بنسبة تصل إلى 60% إذا استمرت الأزمة دون حلول.
وتتجه الأنظار إلى كلمة مرتقبة لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، وسط توقعات بأن يتدخل البنك المركزي من خلال تعديل أسعار الفائدة، لمواجهة الضغوط المتزايدة، بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال.
ختامًا، وبينما تترقب الأسواق انفراجة دبلوماسية، يحذر المحللون من استمرار التذبذبات في ظل استمرار التصعيد التجاري العالمي، وسط حالة من الحذر الشديد تسود معنويات المستثمرين.