أسترالي يعيش 105 أيام بقلب اصطناعي من التيتانيوم.. خطوة نحو مستقبل بلا متبرعين

في سابقة طبية عالمية، أصبح رجل أسترالي في الأربعين من عمره أول إنسان يعيش لأكثر من 100 يوم بقلب اصطناعي كامل مصنوع من التيتانيوم، في انتظار زراعة قلب بشري. هذا الابتكار ينعش الآمال في الاستغناء عن قلوب المتبرعين مستقبلاً، ويطرح تساؤلات مهمة حول إمكانية تعويض القلب البشري بشكل دائم بأجهزة ميكانيكية متطورة.
أول مريض يغادر المستشفى بقلب اصطناعي
خضع الرجل، الذي لم يُكشف عن هويته، لعملية زراعة قلب اصطناعي كامل في نوفمبر 2024، بمستشفى سانت فنسنت في سيدني. واستغرقت الجراحة نحو 6 ساعات، تم خلالها تركيب جهاز “BiVACOR TAH” المصنوع من التيتانيوم، كحل مؤقت لحالته الحرجة الناتجة عن قصور حاد في عضلة القلب.
بعد فترة من المتابعة في العناية المركزة، خرج المريض من المستشفى في فبراير 2025، ليعيش بقلبه الاصطناعي لمدة 105 أيام، قبل أن يخضع بنجاح لعملية زراعة قلب بشري في مارس الماضي. ووفق الأطباء، فإن حالته الصحية مستقرة الآن ويُتوقع له تعافٍ كامل.
تجارب سابقة على القلب الصناعي
هذه ليست أول مرة يُستخدم فيها قلب “BiVACOR” في إنقاذ حياة المرضى، إذ تم زرعه للمرة الأولى في يوليو 2024 لرجل أميركي يبلغ من العمر 57 عامًا، كمجسّر مؤقت حتى توفّر قلب متبرع. دعم الجهاز حياة المريض لمدة 8 أيام.
وفي الفترة بين يوليو ونوفمبر من العام نفسه، تلقى أربعة مرضى آخرين في الولايات المتحدة الجهاز نفسه، وتمكنوا جميعًا من الانتقال بنجاح إلى عمليات زرع قلب بشري، لكن لم يغادر أي منهم المستشفى بالجهاز.
هل يمكن أن يحل القلب الصناعي أزمة المتبرعين؟
يمثل القلب الاصطناعي بارقة أمل للمرضى الذين ينتظرون فترات طويلة للحصول على قلب من متبرع، وهي فترات قد تتراوح بين 18 إلى 24 شهراً كما هو الحال في بريطانيا. كما أن العديد من المرضى لا يُدرجون ضمن قوائم الزراعة لأسباب تتعلق بالعمر أو الحالة الصحية العامة أو الإدمان.
ويؤكد الباحثون أن الهدف النهائي هو تطوير القلب الاصطناعي ليصبح بديلاً دائماً لمن لا تتوفر لهم خيارات الزراعة، وليس فقط جسرًا مؤقتًا للبقاء على قيد الحياة.
كيف يعمل قلب التيتانيوم؟
يختلف عمل قلب “BiVACOR” تمامًا عن القلب البشري؛ فهو لا ينبض، بل يعتمد على قرص مغناطيسي دوار يدفع الدم في أنحاء الجسم، دون احتكاك، ما يقلل من احتمالية التآكل أو الأعطال.
يرتبط الجهاز بوحدة تحكم خارجية تعمل بالبطاريات نهاراً وتتصل بمصدر طاقة ليلاً، عبر كابل يمر تحت الجلد.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الأجهزة المتوفرة حالياً تستبدل الجانب الأيسر فقط من القلب، بينما يُعد “BiVACOR” أول جهاز يستبدل القلب بالكامل، ما يجعله مناسباً للحالات التي تعاني من فشل قلبي شامل.
لماذا اختير التيتانيوم؟
تم اختيار التيتانيوم بسبب قوته، وخفة وزنه، ومقاومته العالية للتآكل، مما يجعله خيارًا مثاليًا للاستخدام طويل الأمد داخل الجسم. وبخلاف الأجهزة الأخرى التي تحتوي على أجزاء ميكانيكية معقدة، يحتوي هذا القلب على قرص واحد فقط، ما يقلل من احتمالية تعرضه للأعطال.
تحديات وتطلعات مستقبلية
رغم تفوقه في تقليل خطر الرفض المناعي، إلا أن المرضى لا يزالون بحاجة إلى أدوية مميعة للدم، كما أن اعتماد الجهاز على مصدر طاقة خارجي يفرض على المرضى تغييرات نمطية في حياتهم اليومية.
وبحسب الدكتور جوزيف روجرز، الباحث الرئيسي في التجارب الأميركية على القلب الاصطناعي، فإن الهدف القادم هو دراسة إمكانية استخدام الجهاز كحل دائم، مع توقعات بتوفره عالمياً خلال 4 إلى 5 سنوات، في حال أثبتت التجارب السريرية نجاحه.
أمل جديد لمرضى قصور القلب
قصور القلب يصيب أكثر من 26 مليون شخص حول العالم، بينهم أكثر من 6 ملايين في الولايات المتحدة وحدها، إلا أن عدد عمليات زراعة القلب سنوياً لا يتجاوز 6 آلاف حالة فقط. لذا فإن ابتكار جهاز قادر على أداء وظيفة القلب لفترات طويلة قد يمثل ثورة في عالم الطب.
رغم التحديات، فإن تجربة الرجل الأسترالي تمثل خطوة جريئة نحو مستقبل قد لا يحتاج فيه المرضى إلى انتظار المتبرعين، بل إلى بطارية مشحونة جيداً.