الميثاق الجمهوري: أساس لمرحلة جديدة من التوحيد الوطني – الخليل ولد الطيب
ليلة البارحة: تقييم الميثاق الجمهوري ورسالة من الخليل ولد الطيب
بلهفة واهتمام بالغ، شهدت ليلة البارحة فعاليات حفل توقيع الميثاق الجمهوري بين حزبنا “حزب انصاف” وحزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم. هذا الحدث البارز تم تنظيمه برعاية وزارة الداخلية واللامركزية، وقد شهد استجابات متباينة من قبل الجمهور، حيث انقسمت آراء الناس بين المؤيدين والمتحفظين.
وفي سياق النقاش الذي يجري حول هذا الموضوع في الأيام الأخيرة، أعتقد من وجهة نظري المتواضعة أن مضامين الميثاق الجمهوري لها أهمية كبيرة وتمثل بناءً أساسيًا لمرحلة جديدة من التوحيد الوطني. إنها تفتح الباب أمام تشكيل رؤية مشتركة للقضايا الوطنية الكبرى وتأسيسها على أسس ثابتة. يجب على الجميع، الذين يعتزون بوحدة بلدهم ومجتمعهم، تقدير هذا الإنجاز والإعجاب بالبيئة السياسية التي نشأت بفضله. هذه البيئة التي نعيشها منذ تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الحكم، حيث نجح بحنكته وعبقريته في تجاوز العقبات النفسية والسياسية، وأنهى الانقسام الذي سيطر على العلاقة بين السلطات الموريتانية المتعاقبة والتيارات السياسية والفكرية التي كانت تعمل في الخفاء قبل إعلان التعددية الحزبية. كان هذا الانقسام قائمًا حتى أمس بصورة أو بأخرى، حتى تنصيب فخامة الرئيس الذي انتهج الانفتاح على الأحزاب والقوى السياسية وأنهى عصر التخوين والاتهامات الزائفة ضد أصحاب الرأي في الأحزاب والمنظمات الحقوقية. اعتمد نهج الحوار، والذي أدى إلى هذا الاتفاق السياسي الذي ستثبت قيمته وأهميته وإمكانياته الواعدة في الأيام المقبلة.
لنكن موضوعيين ونعترف ونقبل بمصداقية الحزبين الرئيسيين الذين قادوا هذه الخطوة المهمة على الساحتين الوطنية والإقليمية. لا ينبغي أن يقلل من مصداقيتهما عدم تحقيق نجاح انتخابي في بعض الانتخابات، فالمعطيات الواقعية هي التي تحكم ذلك. علينا أيضًا التأكيد على الشخصيات الفريدة للرئيسين أحمد ولد داداه ومحمد ولد مولود، اللذين يتمتعان بمميزات نادرة في هذا العصر، حيث برزت مصلحة البلاد كسمة مشتركة توجه سلوكهما وتوجه مواقفهما. توافقوا في بعض الأمور واختلفوا في أخرى، ولكن السمة المميزة التي تميز سلوكهما واتخاذهما للقرارات هي تركيزهما على مصلحة الوطن.
يجب أن نقدر الجهود التي بذلوها كمن أول من استجاب لدعوة الرئيس للحوار في الأيام الأولى بعد تنصيبه، والتي أسهمت في تهدئة الأوضاع السياسية وإعادة تشكيل المشهد الوطني. قبل أن أختتم هذه الرسالة، أدعو زملائي في الأحزاب السياسية، سواء كانوا في الأغلبية أو المعارضة، إلى مراجعة مواقفهم من هذه الوثيقة الجمهورية والانضمام إلى موقع الاتفاق من أجل مصلحة الوطن. يجب أن نتعاون جميعًا في هذا الوقت الهام من أجل تجاوز الانقسامات الحزبية الضيقة والعمل بروح الوحدة والتعاون.
الواقع يفرض علينا التصالح مع الحقائق، ويجب أن ندرك أن الفرص لا تأتي دائمًا، وأننا نعيش في فترة تاريخية تتيح فرصة جديدة للتغيير الجاد. يجب أن نستفيق من سباتنا ونتخلص من الجمود في الفكر. علينا أن ننظر إلى الأمور بعقول منفتحة وواعية، وأن نتعامل مع الواقع بشكل مستنير، دون أن يحولنا التعصب والجمود دون الاستجابة لمطالب العصر.
فلنحفظ وطننا موريتانيا وشعبها ولندعو لقادتها بالتوفيق ولها بالاستقرار والازدهار. الوقت حان لنجعلها دولة مزدهرة وموحدة تحت ظروف تحتاج إلى تضافر جهودنا والتلاحم فيما بيننا.
الخليل ولد الطيب
الدار البيضاء، المغرب
الجمعة، 22 سبتمبر 2023