المغرب يستهدف الارتقاء بمكانته في صناعة الهيدروجين الأخضر: منافسوه وتحدياته
“المغرب يسعى لتصدر صناعة الهيدروجين الأخضر ويواجه تحديات تنافسية”
المغرب يتطلع إلى أن يكون رائدًا في مجال صناعة الهيدروجين الأخضر، وذلك بهدف تصديره إلى أوروبا واستخدامه في إنتاج الأسمدة، ولكن هذا الطموح يواجه تحديات كبيرة، وأهمها إيجاد عرض تنافسي بأقل تكلفة ممكنة.
في يوليو/تموز الماضي، أعلن الملك محمد السادس عن هذا الطموح ودعا الحكومة إلى التسريع في تنفيذ مشروع الهيدروجين الأخضر بجودة عالية وباستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا المجال.
ويعتبر وقود الهيدروجين أخضرًا عندما يتم إنتاجه باستخدام كهرباء مستمدة من مصادر طاقة متجددة، ويعد واعدًا للاستخدام في النقل والعديد من الصناعات مثل الصلب والإسمنت والصناعات الكيماوية.
وعلى الرغم من أن هذه الصناعة لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن المغرب يتطلع إلى جعل نفسه وجهة مثيرة للاستثمار العالمي في هذا المجال.
وقد كشفت وسائل الإعلام المحلية عن اهتمام مستثمرين من مختلف الدول بإقامة مشاريع هيدروجين وأمونياك أخضر في المملكة، بما في ذلك الهند وفرنسا وبريطانيا.
التكلفة
بالإضافة إلى الجاذبية المتزايدة للهيدروجين الأخضر في سياق أزمة المناخ، يعتمد المملكة المغربية على قدرتها في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النظيفة. بدأت الحكومة المغربية هذا المسعى منذ عام 2009 عندما أطلقت استراتيجية لتعزيز تطوير هذه المصادر.
حالياً، تمثل الكهرباء المستدامة حوالي 39% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، وتهدف المملكة إلى زيادة هذا النسبة إلى 52% بحلول عام 2030. ومع ذلك، تظل نسبة استخدام الطاقة النظيفة في استهلاك الطاقة الكلي للبلاد محدودة حالياً إلى حوالي 10%.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه المغرب تحديًا كبيرًا في تقديم عروض تنافسية منخفضة التكلفة مقارنةً مع منافسيه المحتملين مثل موريتانيا ومصر. الهدف هو تقليل تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر لكل كيلوغرام إلى مستوى لا يتجاوز دولارين أو حتى دولار واحد، بينما تبلغ التكلفة حالياً حوالي 4 إلى 5 دولارات لكل كيلوغرام، وفقًا لما أوضحه رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي أحمد رضا الشامي في مقابلة مع مجلة “لافي إيكو” في يوليو الماضي.
وبالإضافة إلى ذلك، تواجه المملكة التحدي الكبير لإنشاء نظام صناعي متكامل يتضمن محطات تحلية مياه البحر، وأنظمة تخزين الكهرباء، وحلولاً لمشكلة نقل وتسويق الهيدروجين، حسبما أوضح سمير رشيدي.
صناعة الأسمدة
في ظل هذه التحديات الكبيرة، يمكن أن يمثل الهيدروجين الأخضر فرصة استثنائية للمغرب لتعزيز موقعه في صناعة الأسمدة، حيث يعتبر المغرب واحدًا من الرواد العالميين في هذا القطاع بفضل احتياطياته الضخمة من الفوسفات. ومع ذلك، تظل هذه الصناعة تعتمد بشكل كبير على تقلبات أسعار مادة الأمونياك الضرورية لإنتاجها، حيث يعتبر المغرب أكبر مستورد لهذه المادة في العالم.
هنا يأتي الهيدروجين الأخضر ليقدم فرصة للتغلب على هذا التحدي، حيث يمكن استخدامه في إنتاج الأمونياك الأخضر من خلال إضافة الآزوت. وقد أعلن عملاق صناعة الفوسفات المغربي، “المكتب الشريف للفوسفات”، نهاية العام الماضي عن مشروع طموح يهدف إلى إنتاج مليون طن من الأمونياك الأخضر بحلول عام 2027، وزيادة هذا الإنتاج إلى 3.2 مليون طن بحلول عام 2032. هذا المشروع من الممكن أن يرفع إنتاج الأسمدة في المغرب من مستوى 12 مليون طن سنويًا حاليًا إلى 20 مليون طن، مما يمنح المملكة فرصة كبيرة لتعزيز دورها العالمي في هذا القطاع الحيوي.
منافسة
بدورها، تسعى الجزائر المجاورة إلى تعزيز دورها كلاعب رئيسي في إنتاج الهيدروجين المتجدد والنظيف، بهدف تعزيز مكانتها كمورد موثوق وآمن للطاقة لشركائها، خاصةً الأوروبيين، وفقًا لمدير الهيدروجين والطاقات البديلة في مفوضية الطاقة المتجددة، رباح سلامي.
تعتمد الجزائر في ذلك على إمكانياتها الكبيرة من الموارد الشمسية والرياح، التي تعتبر من بين أهمها في العالم. كما تستفيد من بنيتها التحتية للنقل، بما في ذلك خطوط أنابيب لتصدير الغاز إلى أوروبا.
وقد وضعت الجزائر خارطة طريق تهدف إلى تدريجي إنتاج الهيدروجين الأخضر بدءًا من عام 2030، بهدف الوصول إلى إنتاج سنوي يبلغ مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2040 لتصديره إلى الأسواق الأوروبية، حسب ما ذكره سلامي. وتمت خطط لإنتاج 250 ألف طن للاستهلاك الصناعي المحلي في مجالات مثل البتروكيماويات والأمونيا والميثانول والإسمنت والصلب.
أما تونس، فتعتزم التخطيط لإنشاء شبكة لنقل الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، وفقًا لمدير الكهرباء والانتقال الطاقي بوزارة الصناعة، بلحسن شيبوب، الذي أكد أن تونس تمتلك القدرة على تصدير ما بين 5.5 إلى 6 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا بحلول عام 2050.